Monday 8 April 2013

بوصلة العقيدة: وعود الثواب وربنا اللي نعرفه



"ليه تبقى ذوق لما الخناق هيكون عليه ثواب اكبر ؟"
وانا صغير كان بابا دايما بيشجعني على الصلاة في الصف الاول، وانا كنت بحب أصلي في الصف الاول لدرجة إني كنت بحشر نفسي على طرف الصف حتى لو مش هاعرف اسجد كويس. بس ساعات لما بكون واخد مكان كويس في الصف الاول، والاقي واحد جارنا دايما بيصلي في الصف الاول وجه متأخر في مرة، أو واحد عجوز بيحب يصلي في الصف الاول كنت بسيبله مكاني وأعزم عليه واقول هو أكيد أولى.. لما سألت بابا عن إذا كان الإيثار في الصالحات عليه ثواب كبير ولا لأ، قالي مش المفروض تعمل كده لأن الصف الاول ثوابه اكبر، والعبادات مفيهاش إيثار.. بالرغم من أنا كنت صغير إلا إني ماقتنعتش، وقلت حتى لو ثواب الصف الاول اكبر، أنا افضل ابقى اخلاقي كويسة واسعد الناس عن إني أصلي في الصف الاول...
القصة ديه دلوقتي بفتكرها دايما يوم الجمعة لما أكون قاعد في الصف الاول، ويجي راجل متأخر ويحشر نفسه مكاني منغير مايعتذر ولا حتى يبصلي عشان ياخد ثواب الصف الاول.. ودايما بيكون نفس الراجل... باقول دايما الراجل ده اكيد بيفكر بنفس المنطق... ليه تبقى ذوق لما الخناق هيكون عليه ثواب اكبر ؟
مشكلتي هنا مش في انه خد مكاني، لأني كان ممكن اسيبله مكاني عادي ومش هازعل. مشكلتي الحقيقية في الطريقة اللي بيفكر بيها: إن الاعتماد على النص والدليل عنده همش تماما الاعتماد على صحة السريرة.. حاجة زي ديه المفروض منغير أي دليل تعتمد على سريرتك الصحيحة وتشوف فورا إنك لما تاخد حق الناس، أو حتى تضايقهم عشان تاخد ثواب فيها مشكلة كبيرة. إن اكيد ربنا مش هيقولنا زقوا بعض عشان الأشطر هو اللي ياخد الثواب...
طبعا غني عن الذكر إن الاتنين سلفيين; بابا والراجل اللي بياخد مكاني... 
.
.
.

"ليه يكون عندنا أولويات ونفكر في فقه الموقف لما يكون فيه حديث بيتكلم عن حرمة الميت"
الموضوع ده تجلى بشدة تاني وانا باطلع رخصة القيادة الأمريكية... ببساطة أنت ممكن تحط قلب احمر صغير في رخصة القيادة بتاعتك عشان لا قدر الله لو مت، ممكن المستشفى اللي مت فيها يستخدموا اعضائك لو حد تاني محتاجها. وأنا طول عمري معجب بالمنطق ده وشايف إن محدش محتاج أعضائه لو مات، ليه ماينقذش حياة ناس تانية خصوصا انه مش خسران حاجة... فكان من الطبيعي أول ماجيت اطلع الرخصة الأمريكية قلت للموظفة إني مهتم بالموضوع ده، وعايز أبقى متبرع.. في وسط الدردشة عرفت إني مسلم وقالتلي إيه ده إزاي أنت مسلم وهتتبرع باعضائك ؟ أنا واحدة صاحبتي مسلمة وبتقول التبرع بالأعضاء حرام على المسلمين.. أنا طبعا استغربت جدا، قلت إزاي حد بيقول انه حرام ؟ ده احنا عندنا في الاسلام من احيا نفسا فكأنما احيا الناس جميعا، وقلت للست حسب معرفتي مفيش حاجة كده وجايز صاحبتك ديه مش فاهمة كويس أو هي فئة مختلفة من المسلمين (شيعة مثلا).. لما رجعت البيت دورت في الموضوع لقيت إن فيه فعلا فقهاء كتير قوي بيحرموا التبرع بالأعضاء بعد الموت عشان حرمة الجسد.. وضايقني جدا إزاي الرأي ده منتشر في العالم الاسلامي.. برضه بالاعتماد على فهمي لعدل ربنا واولوياته مكنتش محتاج دليل اصلا عشان اثبت إن الكلام ده غلط.. يكفي إن حرمة الدم عند الله اكبر من حرمة الكعبة، يعني لو هنقطع من الكعبة عشان ننقذ إنسان يبقى لازم ده يحصل… طبعا جزء كبير من سبب انتشار الرأي ده بيرجع لأن ثقافة التبرع مش موجودة عندنا، ثقافة الحفاظ على الحياة اصلا مش موجودة عندنا، بس مع ذلك السبب الاكبر ورا انتشار الرأي ده هو تغليب النص على الفهم والسريرة … ليه يكون عندنا أولويات ونفكر في فقه الموقف لما يكون فيه حديث بيتكلم عن حرمة الميت..
برده غني عن الذكر إني لما سألت بابا قالي التبرع بالأعضاء حرام....
.
.
.
"بوصلة السريرة"
نقاش زي نقاش هل التبرع بالاعضاء حلال ولا لأ أنا اقتناعي بيه شبه عقائدي، يعني لو جبتلي ألف دليل على حرمته هافضل مقتنع انه حلال بل ومحبب و قد يكون فرض كفاية على المجتمع كمان… طبعا احنا مش عايزين نلغي النصوص ونمشي ورا هوانا، النصوص ربنا ادهالنا لسبب، عشان تهدينا وتورينا الصح فين حتى لو عقلنا شايف غير كده...لكن فيه ثوابت لازم تكون موجودة ومترسخة في عقيدتك تمنعك إنك تمشي ورا أي حاجة بتخالف الثوابت ديه... 
مشكلة بعض الناس انهم بينسوا الهدف من الدين، الأولويات اللي الشرع اتوجد عشانها. بينسوا دايما إن النص خاضع للتأويل، وإن فقه الموقف ممكن يعطل العمل بالأحكام، وإن فيه ثوابت في الدين مفيش أي نص يقدر يغيرها، زي إن الله هو العدل العادل دائما .. بعض الناس ديه بيكون راغب في الجنة بشدة لدرجة انه بيفقد سريرته وبوصلته في الحياة ويمشي ورا أي نص بيوعد بثواب .. الناس اللي أنا دايما بهزر معاهم واقول عليهم بيستحموا بس عشان النضافة من الايمان، ولولا وجود الحديث ده ماكنوش استحموا …طبعا الله اعلم بالحساب ، بس أنا نفسي إن احنا من آن لآخر كده ننسى الحاجات اللي شيخ الجامع بيقول إنها بترضي ربنا، ونفكر فعلا إزاي نرضي ربنا اللي احنا عرفناه وبنحبه من عقيدتنا..


No comments:

Post a Comment