Monday 12 December 2011

لماذا الوسط ؟


نخوض الآن أول تجربة ديمقراطية حقيقية في تاريخنا، ويقع على عاتقنا عبء اختيار حاكم مصر بعد أن نشأنا منذ نعومة أظافرنا على أن يختير لنا... فبدلا من أن يدعي متسلطا ما أنه يعلم الأصلح، صرنا نحن - شعبا وثورة - مطالبين بأن نعلم الأصلح، ونختاره ونتحمل مسئولية اختيارنا، ولذلك كان من الواجب أن نتريث في اختياراتنا ولا نندفع وراء مشاعرنا، ونقيم كل الجوانب ونحسب تبعات الاختيار بأبعاده المختلفة لكي لا نختار عصام شرف آخر...   
ولكي نتعلم من أخطاء الماضي، صار من المنطقي ألا نختار الأصلح أو الأفضل أو الأشرف فحسب، فالاختيار الذكي هنا هو اختيار الأنسب لكل منصب مع الأخذ في الاعتبار وقت الاختيار الحرج، سواء كان في ذروة الثورة أم في وقت استقرار ورخاء، وطبيعة الشعب المحكوم، وهل سيتقبل سياسات من اخترناه - مهما كانت مثالية - أم سيرفضها وتتعرقل مسيرة الاصلاح، وأيضا طبيعة القوى السياسة الموجودة على الساحة والخريطة المتوقعة لقوتها وتمثيلها في البرلمان، مع توافر المعايير الأخرى كالنزاهة والخبرة بالطبع.
ولهذا امضيت الأشهر الماضية في البحث عن الحزب المناسب للفترة الحالية، والذي أراه باجتهادي المتواضع الأصلح والأنسب لمصلحة الوطن، وقد وجدت ضالتي في حزب الوسط... وفيما يلي الأسباب التي دفعتني إلى هذا الاختيار، وثقتي فيه، بل وتزكيته لأصدقائي ومعارفي.

اولا: تاريخ الوسط

عادة ما تبدأ الاحزاب بالتحدث عن تاريخها، فكل حزب له تاريخا مشرفا ما، وهو ليس بالضرورة ذو اي دلالة على حاضره، فهناك احزابا عريقة لها تاريخ طويل في الكفاح الوطني صارت غير فاعلة اليوم نتيجة موت حلم المؤسس أو تغيره،ومنها من صار مرتعا للفلول ورجال الاعمال الطامعين في القوة، ولكن حين يكون من أسس الحزب هو من يزعمه حاليا، فان تاريخه يعطيك نبذه عن امكانيات الحزب وما وما يمكن ان يحدثه من تغير.
ومع ذلك فانا لا اتحدث عن تاريخ الوسط، اذ إن معظمنا يعرف قصة انفصالهم عن الاخوان ونضالهم لتأسيس حزب من عام 1996، ولكني ساتحدث قليلا عن احداث قد تكون غائبة لدى البعض، كسبب انفصالهم عن جماعة الاخوان المسلمين، فعكس ما يظنه البعض، وعكس ما بررت به قيادات الاخوان وقتها، لم يكن سبب الانفصال رفض جماعة الاخوان تأسيس حزب سياسي في ظل العهد البائد فحسب، ولكن كان من اهم أسباب الانفصال كما اوضحها عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط كان الفكر الإقصائي الشمولي كما وصفه أ/عصام في احدى اللقاءات (رابط الفيدو في آخر المقال)، كما اوضح في نفس اللقاء ان اختلاف مؤسسي الحزب مع ادارة الاخوان والطريقة التي تدار بها الجماعة يعود إلى قبل الانفصال بـ10 أعوام، وأن ذلك كان اخر خيار بنسبة لهم، لكنهم لم يجدوا بد منه بعد ان كان فرض الرأي وعدم وجود نقاش سياسي داخل الجماعة قد بلغ مبلغه، وقد ايدهم في ذلك سياسيين كثر من الاخوان وخارجهم، مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة حاليا وجورج اسحق مؤسس حركة كفاية وغيرهم، فالاخوان كجماعة لم يكونوا مستعدين للتوغل في السياسة، وكان جل همهم العمل الميداني والنزول إلى الشارع، بينما كان مؤسسي الحزب من المفكرين والسياسيين المخضرمين وأرادوا احداث تغيير حقيقي عن طريق العمل السياسي الديمقراطي.

ومن الجدير بالذكر ان الوسط لم يتوقف بعدما رفضت الهيئة العليا للأحزاب طلب إنشاء الحزب، فقد ظل مؤسسوه يتقدموا بالطلب وراء الطالب، ويخوضوا حربا في المحاكم، وفي نفس الوقت كان لابد من اثراء الجانب الميداني ايضا لأنه الحزب المقتصر على السياسة هو حزب على ورق فقط، فدخلوا حقل العمل الميداني حتى يتركوا الاثر المطلوب في الشارع خلال العشر سنوات السابقة للثورة (شاهد الوثائقي عن حزب الوسط قبل الثورة)

ثانيا: المواقف
كما ذكرنا لم يقتصر الوسط على العمل السياسي فقط، فلم ياخذ الموقف السلبي الذي اخذته معظم احزاب ما بعد الثورة في ان يأسوا من العمل السياسي، أو يأسوا من العمل الميداني، أو كلاهما معا كسائر الاحزاب التي لم يكن لها وجود وتحججت ببطش نظام مبارك، كما كان الوسط ولا يزال متقبلا للاخر يتعاون لمصلحة الوطن، فكان من أبرز المشاركين في الجمعية الوطنية للتغير، وشارك مؤسسيه في الثورة منذ أول يوم وحتى تنحي مبارك.
وجاءت مواقف الوسط بعد الثورة لتعكس تمرسه السياسي وتوجهه الثوري، فقد كان دائم الرفض لعروض الحكومة القاصرة ومطالبا دائما بما هو افضل، مما يوضح اهمية الموقف الثوري لدى احزاب المعارضة، فالتوجه الاصلاحي نادرا ما يؤتي ثماره في اوقات الثورة، أو حتى كمعارضة في وجود حكومة اصلاحية ايضا... والتوجه الاصلاحي هنا يمثله موقف الاخوان وبعض الأحزاب الأخرى القابل بمعظم المهادنات والغير ممانع للتفريط في المطالب الأساسية، بينما كانت الكتل السياسية الأبرز والأكثر اصرارا على المطالب في مواجهة العسكري هي 6 ابريل وائتلاف شباب الثورة وحزب الوسط.

ثالثا: الفكر

كانت من اهم التغييرات التي بدأ بها حزب الوسط لدى نشأته في العقد الماضي هي ترجمة الشعارات البراقة لبرامج حقيقية تعكس رؤية سياسية واضحة ومتفقة مع الشعارات التي يرفعها الحزب، مما يدل على نضج التوجه السياسي فالبرامج ذات طابع سياسي لا هي مبنية على العمل الميداني فقط، ولا هي تفتقر إلى توجه فكري يكون بمثابة العمود الفقري للبرنامج مثل معظم احزاب مابعد الثورة التي ليس لها توجه واضح وتحاول ان ترضي جميع الاطراف مما سيؤدي قطعا إلى عدم رضا جميع الأطراف.
ومن اهم مميزات حزب الوسط كفكر، الطريقة التي يدار بها الحزب، فالقرار يأخذ في الحزب بمنتهى الديمقراطية كما يسمح لكل الاعضاء بالمشاركة حتى الاعضاء الجدد، و بالطبع ليس هناك قرارات تأخذ من وراء ستار فلا يعرف لها سبب مثل قرارات النزول وعدم النزول، فالشفافية في التعامل هي أساس في أي حزب ناجح.
واخيرا فان المرجعية الاسلامية تعتبر من اهم النقاط التي تشكل فكر الوسط، فهي التي تجعل الحزب يلتزم بالشريعة فلا يقبل بأن يقر قانون أو يسكت على قانون قائم يخالف المبادئ أو الأحكام التي وردت فيها نصوص قطعية الدلالة ولكنه يوجد آلية قابلة للتنفيذ برؤية سياسية خبيرة وهو فى نفس الوقت يفصل فصلا كاملا بين دور الدعوة ودور الدولة، وتلك المرجعية ايضا هي التي تجعل من القضايا العربية والاسلامية كالقضية الفلسطينية على اجندة الحزب لدى دخوله البرلمان.

اخيرا: ملخص الاسباب والتحليل
1- برلمان ما بعد الثورة لا شك ستكون الاكثرية فيه للاخوان، وهم ذوي فكر اصلاحي يصلح لوضع خطة اصلاحية طويلة المدى، وتطوير أجهزة الدولة شيئا فشيئا حتى تتغير، وقد يكون هذا ما يريده البعض في اوقات الاستقرار، لكننا قطعا لسنا في وقت الاستقرار، بل نحن في امس الحاجة إلى المواقف الثورية داخل البرلمان حتى يتسنى لنا استئصال الفلول وتطهير أجهزة الدولة في اسرع وقت، وهنا تأتي ادور الاحزاب الثورية مثل الوسط حتى لو كانت اقلية داخل البرلمان فستقوم من أداء الأغلبية.
2- لا يمكن تمرس الشيء بدون التفرغ له، فلم يجعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وحزب الوسط بعد انفصاله عن الجماعة اصبحت السياسية شغله الوحيد، فلا هو جماعة جل خبرتها في العمل الميداني والرقابي، ولا هو يستقي خبرته واسمه من مواقفه في الميدان وحدها، والتي لا تكفي كخلفية لوضع دستور قوي.
3-  المرجعية الاسلامية هي الضامن الوحيد على ان من تعطيه صوتك لن يخالف الشريعة في نص صريح، وهي تعكس مدى اهتمام الحزب بالحفاظ على هوية مصر كدولة عربية اسلامية حرة، وهو ما سينعكس في امور مثل التعليم والإعلام.
روابط:
وثائقي عن الوسط قبل الثورة : http://www.youtube.com/watch?v=CKxVB7Q7Tjw
http://www.youtube.com/watch?v=8jpD2lsH_n0&feature=related سبب انفصال الوسط عن الجماعة

Monday 12 September 2011

الحكم البطيخية والطريق إلى الوبا



بعد احداث يوم الجمعة 9-9 حصل تغير كبير في وجهات نظر ناس كتير... وبدأت بعض الآراء البطيخية تأخذ وضعها في انفخة الشعب المصري الحكيم، ونظرا لأن احنا شعب فاهم من يومه، وفاقسين كل حاجة وكل حد، فكان من الطبيعي إن الحقيقة المبينة دية تتجلى على ألسنة الخلائق من حكماء الشارع المصري...
ودي بعض الحكم اللي تنزلت علينا بترتيب درجة غباءها مش بترتيب تنزلها:
"الاولتراس التزموا بضبط النفس ومالهمش دعوة"... لأ أنا اللي كسرت وزارة الداخلية، اقولكم أنا اللي كنت بشتم في ماتشات الاهلي، والاولتراس كانوا بيقوللي اتقي الله ويسدوا ودنهم عشان مايسمعوش الكلام البذيء بتاعي !! احنا هنضحك على بعض ؟ الاولتراس زيهم زي بقيت شعب مصر بيكرهوا الشرطة، بس الفرق انهم متعودين على لغة العنف... أنا كنت هناك الجمعة الصبح ومصورهم وهم نازلين شتيمة وخناق في أي ظابط أو عسكري عند الداخلية... ولولا إن فيه بعض الناس من بره الاولتراس (ناس لسة بعقلها يعني) مسكوهم كانوا كسروا الداخلية من الصبح... لأ وكل ده مش عشان حال البلد ولا الثورة ولا حتى الشهداء... لأ ده عشان اللي اتمسكوا شغب في ماتش اسوان !! في سنة 1802 الحاج توماس جفرسون كتب جواب لمعمدان الكنيسة قاله افكس لنفسك عشان خلط الكنيسة بالدولة ده مش نافع... الحاج توماس ده لو صحي من قبره نصاية كده وشاف الاولتراس اسم الله عليهم وهم بيخلطوا الكورة بالسياسة كان زمانه شق هدومه وجري ملط في الشارع... المعمدان نفسه كان زمانه شق هدومه وجري ملط !!

"العالم اللي اقتحمت السفارة ديه كانت وش متأجرة" إيه الفكاكة ديه ؟ وش كمان ؟ "اشتباه تدخل ايراني في احداث سفارة اسرائيل" أيوه اكيد طبعا.. ماهو مينفعش نقول اسرائيل، ولا استنى كده يمكن تنفع... الشعب المصري دايما في تحليلاته العميقة الفكيكة التنينة، دايما بيبص على حاجة واحدة بس... طالما وحش لينا يبقى حلو ليهم، وطالما حلو ليهم يبقى هما اللي عملينها... قرش شرم الشيخ بقى، انفلونزا الطيور، امتحان الثانوية العامة، طالما بتنطبق عليه القاعدة ديه يبقى هما، وهما ديه ساعات بتبقى مطلقة كده... هما اللي عملوها.. هما مين ؟ أنت وذوقك بقى... لو ناصري تبقى بند في معاهدة كامب ديفيد، لو قومي تبقى اسرائيل، لو ليبرالي تبقى السعودية... يعني ظبط نفسك بقى، كل واحد وشطارته... وكل ماتكون حاجة مستحيلة أكتر كل ماتكون اشطر، لأن محدش غيرك فاهمها... صدام عايش وهو اللي بيعمل كده ؟ وماله يا حبيبي... مايضرش... المهم إن العيال ديه هي نفسها بتاعت يوم 28 اللي منهم الشهداء اللي احنا طايرين بيهم السما... هم نفس العيال اللي ماشيين ورا غضبهم ومتغاظين من النظام، نفس العيال اللي ولعوا في البوكس الفاضي يوم 28 من باب الغيظ... هم اللي لما معرفوش يوصلوا لمدرية امن الجيزة واحد فكيك من اياهم قالهم طب ولا على ايه، ماالسعودية مش عملالنا احترام وسفارتهم زي الفل اهه... هم اللي كان لما يضرب عليهم غاز عند السفارة يرجعوا لورا عشان يشموا هوا، فيلاقوا اعلان موبينيل يقوموا مقطعينوا... أصل ده بتاعت سواريس الخاين... ناس عندها طاقة وعنف وغلب وبتدور على قضية تؤمن بيها وتضحي عشانها عشان يحسوا إن في حاجة في حياتهم ليها معنى أكبر من أكل العيش... واحنا اللي ادينالهم أول جرعة يوم ماطلعنا الثورة، ووفرنالهم قضية... بس لما سبناهم وحالهم فضل زي ماهوا، دوروا علينا مالقوناش، فكان لازم يخلقوا قضية... شافوا الهيصة اللي عملنها للي نزل العلم، وشافوا المجلس بيبني جدار بعد مارفع العلم من تاني، كأنه بيقولهم لا تاكلوا من هذه الشجرة... الغباء والتخبط اللي حصل عند الداخلية والسفارة كان غلطتنا، لاننا اخدنا من مبارك شخشيخت السياسة ولعبنا بيها، ولما زهقنا، سيبناها في الشارع بدون توعية.
"الشعب المصرى اشترى حريته ونسى الكتالوج .... فـــ عمال يلعب فى كل الزراير" كأن عَمر حمزاوي انجج دراع حازم صلاح ابواسماعيل، والبرادعي إدى رنة للاخوان واخدوا 6 ابريل ونزلوا ضرب في السفير !! صحيح مش هم دول مصر، بس اللاعبين السياسيين في مصر عارفين كويس هم بيعملوا إيه... والتخبط السياسي الموجود ديه معركة التصفية مش أكتر، الشعب اللي بيستغل حريته ده هم النشطاء السياسيين... الفاعلين في الاحزاب والجاماعات... اكيد مش هم الاولتراس مثلا... واكيد الغلطة مش في الحرية "الزيادة" ده لو كان فيه حاجة اسمها حرية زيادة اصلا، لازم نفرق بين حرية التعبير والتسيب الأمني... لو كنت من اصحبنا الفككة كنت قلت اكيد التسيب ده كان الغرض منه... والله اعلم جايز الفكاكة ده فيها شيء من الصحة، بس مفيش دليل !!

"لقد خسر التيار الليبرالى والعلمانى اخر كرت لهم مع الشعب المصرى نتيجة احداث امس و تجلت بقوة حكمة التيار الإسلامى فى قرار عدم المشاركة يوم 9/9" كأن برضه عَمر  حمزاوي شال مطوة قرن غزال في جيب بنطلونه اللي عليه صورة تامر، وركب ورا ابراهيم عيسى على المكنة الصيني بتاعته وهاتك يا ضرب في الأقسام.. والاخوان كانوا قاعدين في اخر الكادر بيقولوا تؤ تؤ تؤ !! التيار الاسلامي رفض المشاركة في التحرير، بقية التيارات دعت للمشاركة في التحرير، ومفيش أي نيلة حصلت في التحرير... لو كانت ديه غلطة حد، فهي غلطت الناس الفاهمة اللي سابت ناس تانية مش فاهمة تروح على السفارة والداخلية لوحدهم.

"قانون الطوارئ اتفعل يعني مش هتقدر تفتح بقك تاني... ابقى وريني إزاي هتعمل مظاهرات تاني يا حدق" يامي يامي يامي... تصدق خفت وركبي بتخبط على الجيران ؟ اصلا احنا كنا عايشين طول الفترة اللي فاتت ديه في دولة بدستور غير مفعل، دولة ماشية بمزاج عمو المشير... الناس كانت بتخش محكمات عسكرية كده بلطجة... يعني أنا عايز احبسك هحبسك الوقت اللي يعجبني وحتى مش هاعمل زي النظام القديم وأكلف نفسي وأألف سبب... أنا هدخلك كده !! الدولة كانت ماشية بلا قانون اصلا، هيعمل إيه الطواريء ده ؟ هيقبض على ال10000بتوع كل جمعة اللي في التحرير ؟ ولا هيخلي الاولتراس يبطلوا شتيمة ويغنوا أغنية بكار ؟ قانون الطواريء رجع عشان النجم بتاع المجلس مش عايز وجع دماغ على المحكمات العسكرية... فـقال احنا نلبسها في الداخلية أحسن وأهو كله بثوابه...

طول عمرنا بنقول اللي اتكسر يتصلح، ويوم الجمعة مكنش استثناء... اللي اتكسر هيتصلح باذن الله، لكن في جروح اعمق من جروح... واكبر جرح عمله يوم الجمعة مكنش قانون الطواريء ولا الجرحى من الشعب والداخلية ولا موقفنا الدبلوماسي اللي بقى أبيض من الصيني بعد غسيله... اكبر جرح كان ثقة الناس اللي في بيوتها في "الثوار" بتوع التحرير... الناس ديه كده كده مكنتش طايقانا... ويوم الجمعة اثبتلهم إن احساسهم كان في محله وأي حاجة هتتعمل فينا بعد كده احنا نستاهلها... الموضوع وصل لجمل من نوعية يضربوا الميدان كله بالنار ويقتلهم ويخلصوا !! ودول مش بس حزب الكنبة، ديه ناس كانت نزلت الثورة معانا وشاركتنا في حلمنا في يوم من الأيام... دلوقتي دارت علينا الايام واتشوهت صورتنا اللي معرفش يشوهها التدليس... اللي معرفش طلعت زكريا يعمله بالكنتاكي عملناه احنا بانقسامتنا وتسرعنا، وخلينا اللي كان في يوم من الايام متهم معانا انه اجندا، يتمنالنا الموت أو السكوت... يا ترى هل هنفوق لدورنا تجاه "البلطجية" و"العالم المتأجرة"، ولا هنفضل نشتم فيهم لحد مانروُح كلنا في الوبا ؟

  


Friday 27 May 2011

عاجل | اسامة سريا ينفي ما رددته وكالات الانباء عن إن عصام شرف يتصدر قادة العالم ويؤكد إن مبارك هو من يتصدرهم... ولدى مواجهته بقرار حبس مبارك في سجن طرة قال ان مبارك كان السبب في ثورة يناير التي اتت بعصام شرف الذي يقود المسيرة الآن... فكما ترون إنها تعبيرية

وقفة منطقية مع الوضع الحالي: لماذا نثور ؟


أنا هاكتب الكلام ده في بلوج عشان مفضلش اشرحه لاصحابي واحد واحد... ومعلش هو بالعامي عشان متجمع من ردودي الكتيرة على أصحابي...

الاول لازم نسأل نفسنا.. هي الثورة نجحت ؟ طب إيه تعيرف نجاح الثورة ؟ مش إن احنا ناخد اللي احنا عايزينه ؟ طب وهي هتنجح لما ناخد كل اللي احنا عايزينه ولا لما نبقى على الطريق الصح بس واللي احنا عايزينه هيجي ؟ يعني هل الثورة هتبقى اسمها نجحت لما إن شاء الله بعد عمر نبقى من اقوى 20 اقتصاد في العالم ؟ أكيد لأ،، ده كده اسمه اكتمال أهداف الثورة، مش النجاح في حد ذاته... يبقى النجاح هو وقت مانحط رجلنا على بداية الطريق الصح... طب وهل ده حصل ولا لسة ؟
لأ طبعا النظام القديم لسة عايش إنت مش شايف الجيش عمل يضرب في الناس والمجرمين لسة بيفرج عنهم والمحافظين والمسئولين القدام لسة في مكانهم ؟
آه طبعا وديه حاجة تزعلنا كلنا، بس هل ده بيحصل لأن ال"نظام القديم" لسة عايش والمجلس هيبيع البلد عشان يرجع النظام القديم ؟
طب براحة كده... لو فيه مؤامرة والنظام القديم لسة عايش... هيفيده في إيه الابقاء على الرموز الفاسدة والظباط المجرمين ؟ مايطيرهم كلهم ويبدأ يسرق بوجوه الناس واثقة فيها... واهو حتى المنطق بيقول لو حد الناس بتكرهه دخله السجن ولا اقتله عشان تكسب حب الناس وبعد كده اسرق براحتك صح ؟


طيب اللي جاي ده تحليل منطقي للي بيحصل فيه حبة تفسيرات وإستنتجات... وفيه حاجات ناقصة منقدرش نبررها، بس نقدر نستبعد أسباب ليها، بس الأول نتفق على حبة حاجات...
 اولا فاسد يعني بيدور على مصلحته هو بس، مش بيعمل فساد لله والوطن.. ثانيا مفيش فاسد عنده ولاء لحد... إذا كان باع بلده عشان الفلوس، يبقى هيبيع صورته قدام الناس اللي هي مستقبله في البلد عشان ولاء لرمز سابق ؟


1- الاول طنطاوي ده إيه نظامه ؟ مش كلنا عارفين إنه راجل فاسد وكان من رجالة مبارك الأولى ؟ هل نزل عليه الصلاح والتقوى فجأة ؟
 لأ بس طنطاوي زيه زي أي راجل فاسد همه الأول مصلحته... وقدامه دلوقتي خيارين... يأما يحاكم الناس ديه ويخلص منهم ويبان بطل وحامي الثورة واحنا نصدقه ونعمل عبط ، يأما مايحاكمهش ويكره الناس فيه وفي الجيش كله لحد مايتحاكم هو شخصيا لما الرئيس الجديد يجي وكل ده عشان حبايب زمان... طنطاوي دلوقتي من مصلحته الشخصية ومصلحة المؤسسة العسكرية ككل انه يتم الانتقال للديمقراطية صح، لأن ده اللي بياكل اليومين دول.. خلاص بقت باينة قوي إن الفاسد هيتجاب مهما حصل، وإن حكم فرعون عمره ماهيرجع، يبقى يعمل كده لمين ؟ يقتل المتظاهرين ليه ؟ يسيب الفاسدين في مكانهم عشان مين ؟


2- "النظام القديم" ده... هدفه يضرب ويقتل ويطلع الناس براءة ؟ ولا هدفه يسرق وينهب ؟ لو هدفه يسرق وينهب يبقى مش محتاج يضرب ويقتل ويطلع الناس براءة... لأن ده بيقوم الناس ضده وبيصعب مهمته مش بيسهلها، ولو هدفه التانية يبقى نظام هماه المباديء الفاسدة أكتر من مصلحته الشخصية !!


3- الاجراءات بتاعت المقاضاة عشان القضية تطلع دستورية 100% هتاخد وقت، لو كنا عايزين نحبسهم وخلاص كنا قتلناهم زي الثورة الفرنسية، لكن متنسوش إن احنا اللي طلبنا محاكمة عادلة عشان مايجيش واحد بعد 50 سنة ويقول مبارك ضحية الثورة... وأنا بتكلم مع قضاة كل يوم وعارف إن اجراءات الكسب الغير مشروع بالذات بتاخد وقت قوي... وبصوا للي حصل مع كل الدكتاتورات السابقة وإزاي الفلوس كانت بترجع بعد 7 و8 سنين...


4- طبعا محدش ينكر إن فيه تباطؤ في بعض القضايا، لكن ده زي مابقول تقصير مش نظام فاسد... من مصلحة مين التباطؤ ده ؟ أكيد المجلس لو فاسد مش هتوصل معاه الاصالة والجدعنة إنه يودي نفسه في داهية عشان صحاب زمان..


5- طب بالنوسبة للقضايا اللي عمالة تروح منا، والناس اللي بتاخد براءة ؟ ده حاجة من الاتنين... ياما هم عرفوا يخبوا الأدلة وقت الثورة، حاجة زي قتل المتظاهرين الدليل الوحيد ضد مبارك هو الامر المباشر... لو الورق أو التسجيل اتحرق خلاص كده مش هنعرف نقتص منه، وده ملهاش دعوة بفساد ولا نيلة... ده مجرم وعرف يخبي اجرامه... والسبب التاني ممكن يكون الرشوة والفساد الموضعي... وده موجود في كل حتة وكل مكان وهيفضل موجود... خصوصا في بلد لسة طلعة من الظروف بتاعتنا ديه... تفتكروا حبيب بعد ماسرقله كام مليار مش هيستخسر في القدي كام واحد منهم عشان ينقذ رقبته ؟ والناس المرتشية ده هتفضل في مكنها لحد مانقفش عليهم حاجة... ماينفعش نحاكم القاضي عشان حكم حكم مش عاجبنا... مش هي ده المبادئ اللي نزلنا الثورة عشانها


6- طب لما هو فيه فساد موضعي وال مجلس وعصام شرف نفسه عارفين، ساكتين ليه ؟ عشان مينفعش تروح لقاضي تقوله امشي عشان إنت فاسد... من مباديء القضاء العادل استقلال الهيئة القضائية، عشان القاضي ميخفش يحكم حكم ضد الوزراء... لازم دليل على الفساد ده... مينفعش نخلي الثورة ذريعة للاحقاد إنها تستبعد أي حد... مينفعش يكون الاستبعاد مبني على حكم غير موضوعي كده... الناس الفاسدة ديه هيفضله قاعدين يأما ريحتهم هتفوح زي احمد شفيق وهيمشوا غصبا عنهم، يأما هايلعبوها صح ويتلونوا بألوان الثورة وساعتها الماضي بتاعهم هو اللي هيقضي عليهم بس بالأدلة الموثقة...


7- ضرب الشعب فوق دماغه غلط، بس الجيش لما كان بيطبطب على الشعب حصلت فتنة امبابة، والجيش معندوش غير حال واحد... الضرب، عشان كده كل مالدنيا هديت، وسبنا الامور تاخد مجراها، كل مخلصنا من المجلس اسرع وجبنا حد عند حل تاني غير الضرب


8- أنا نزلت يوم 25 ويوم 28 وأيام كتير بعد كده وكنت بنزل قدام في الثورة ومقتنع بيها ومن اوائل الناس اللي دعوا ليها.. عشان كده خايف عليها ومش كل شوية هانزل اعطل عمل الجيش.. كويس إنه يكون فيه ناس في الشارع عشان ده بيدي سلطة تشريعية للشعب، بس مش كويس انهم يقعدوا هناك على طول... لازم هتحصل تجاوزات، ولما تحصل الجيش هيضرب، ولما يضرب الناس هتكرهوا وهتنزل أكتر، وده اللي بيعطل الثورة أكتر... لازم نسأل نفسنا، هل اللي احنا هنعمله ده يستاهل التضحية ؟ هل لما نعجل بالحكم على مبارك كام شهر ده يستاهل نقلب البلد كلها ونموت كام شهيد تاني ؟


9- طب طنطاوي راجل فاسد بس بيحاول بيعمل الصح... هتسيبه لمجرد إنه بيعمل الصح ؟ إنت معندكش مباديء؟ آه لازم نسيبه لأن تمن ابعاده غالي قوي... أغلى من أي حاجة دفعناها لحد دلوقتي... لو طلعنا ضد الجيش مش هيبقى فيه حد يحوش عنا، وهنبقى عاملين زي ليبيا... الموضوع مش هيرسي على 300 شهيد واقتصاد منهار... وبعدين معظم الصفحات اللي بتقوم الناس ضد الجيش زي صفحة ضباط من اجل الثورة عندها مشاكل شخصية مع المؤسسة العسكرية...
اهه أنت بتتكلم زي بتوع الاستقرار أيام الثورة... كلهم قاعدوا يقولوا كده وفي الآخر اتنقلنا للاحسن... عشان ساعتها كان عندنا حلم صعب ممكن ندفع عشانه دمنا واقتصاد كام سنة قدام... انما دلوقتي بعد ماكل شيء بقى واضح وإن شاء الله الطريق باين قدمنا تقدر تقولي إيه حلمنا ده اللي هنموت عشانه ؟ محاكمة مبارك ؟ ماهو كده كده هيتحاكم.. انتم مستعجلين على إيه ؟ بتعترضوا على الحكم قبل ماالحكم يطلع أصلا ؟ لما ياخد براءة (براءة نهائية مش افراج مع كفالة) نبقى ننزل... هو ميدان التحرير هيطير ؟ ولا هتقولي مش هنقدر نحشد تاني  ؟ دحنا دلوقتي ممكن ننزل مليون واحد في أسبوع عشان نحتفل بمولد سيدي العريان... مش هنعرف نطلع في  الجد ؟

 من الاخر في حاجات كتير غلط بتحصل.. وكان ممكن نتجنب معظمها, بس ده لازم هيحصل في دولة حديثة العهد بالديمقراطية... الكفاءات لسة مش هي اللي بتحكمنا, بس هيحكمونا بعدين... الغلطات ديه مش سببها مؤامرة ولا فساد صانعي القرار... الغلطات ديه سوء تصرف وفساد صغار رجال الدولة.... وحلها في توعية النظام الحالي من اخطاء الناس ديه.. حالها إن احنا نبقى عين النظام على أفراده... وديه ثورة العمل اللي بنسمع عنها...

الثورة الحقيقية نجحت يوم ما الجيش حس إن مصلحته مابقتش مع النظام السابق... يوم ما المجلس العسكري انعقد وقال انه في انعقاد مستمر... قبل تنحي الرئيس وقبل ماشفيق يمشي وقبل امن الدولة مايسقط... الناس ديه كلها أفراد ومؤسسات فاسدة.. والفاسد ميعرفش يتعامل في بيئة نظيفة... التغير لما بيجي من فوق بيبقى اسرع بكتير... بس لازم هياخد وقت... شفيق كان لازم يمشي، ويوم مامشي كان تطور طبيعي... لأن الثورة كانت نجحت خلاص... وبقايا النظام الفاسد دلوقتي بتحاول تتعايش وتستخبى... بس مصيرها تغور زي الباقي... لأن راس النظام خلاص طار... وبقى صنع القرار بيدور على مصلحتنا وبيسمع كلامنا... يمكن مش بسرعة قوي... ويمكن كمان تكون في محاولات لقلب الثورة... عشان كده لازم نكون صاحيين، ونخلي بالنا ونعترض على كل غلط... مفهاش حاجة لما ننزل الشارع نعترض على اللي مش عجبنى... ماهي ديه الديمقراطية  اللي احنا عملنها، بس نلتزم بالقانون... نرجع قبل الحظر... مانشتبكش مع حد ومانهجمش حد... وبرضه نخلي النزول بحساب، لأن التجمعات ده سهل قوي يحصل فيها مشاكل... فامنندفعش ورا مشاعرنا، ونفكر دايما، نزولنا ده يستاهل ؟ ولا نازل عشان واحشني احساس الميدان وارفع راسك فوق ؟

Sunday 22 May 2011

لاجل مايعلى الموج علينا...


زرع وناشف وسط الطارح
حبة طوب على كام مولوتوف
عود كبريت بتاريخ امبارح
لاجل مايولع ويا ألوف
نسيوا صوت العقل الراجح 

ياللي بتكره تكره مين ؟
تكره جلدك لحمك دمك ؟
ربك لو عاز كان فرض الدين
بس ماعزش ودي حكمة ربك
ياللي خايف تخاف من مين ؟
ديه سفينة واحدة وكتفي في كتفك
خيركم خيرنا يا بني آدمين
تعرف حقي واعرف حقك

لاجل مايعلى الموج علينا
تفضل عايمة ويستر ربك
مصر ياما يا سفينة
امتى هترسي داحنا في عرضك ؟

Photo and poem by me

Tuesday 29 March 2011

فرض الرأي والسذاجة السياسة بين الاسلاموفوبيا والعلمانوفوبيا

قد اتفق مع فهمي هويدي في أن الاستفتاء اضر المجتمع كثيرا ،ولكن لم تكن الخسائر هي فوز رأي على رأي أو تغليب حزب على حزب ،بل كانت اكبر الخسائر نسبة ال77.2% التي ثبتت على صوت واحد على النقيض تماما من الحوار المجتمعي الذي تمتع بتنوع صحي في الاراء ، وتلك الاغلبية إن دلت فهي تدل على غياب وعي وفقدان ثقة خطير بين اطياف المجتمع .
علاقة الأمية بالتنوع (http://voiceofegypt.org/referendum/Referendum.htm(
من الذي ربح ؟
من قال ان السيناريوهات المطروحة للنعم قد فازت بتايد الاغلبية واستحسانهم عن السيناريوهات المطروحة للا فهو قطعا لا يجيد استقراء المناخ السياسي الذي قام في ظله الاستفتاء، فبالرغم من الحوار المجتمعي الرائع الذي دار لمناقشة التعديلات فقد كان هذا الحوار محصورا بين السطح المجتمعي ولم يلمس قاعه البته، ماحدث كان فوزا للاغلبية المنساقة وراء رجال الدين الاسلامي على المنساقين وراء مادونهم اولا، وفوزا لدعاة الاستقرارعلى دعاة الاصلاح ثانيا، وهما فوزان لا علاقة لهم بالاستفتاء الدستوري الحقيقي بكل حال من الاحوال... ويمكننا استقراء هذا الواقع من مراقبة لجان الاقتراع حيث ان معظم المراقبين في الاقاليم اشتركوا في رؤية تقريبية لديموغرافية المقترعين وهي أن النعم للمسملين ولا للاقباط -وهذا طبقا لتأكيدات الهيئات المراقبة في اتصالاتي معهم خلال مراقابتي للجان الاستفتاء- ويمكننا ايضا استقراء ذلك الاستنتاج من اقتراب نسب النعم/لا من نسب المسلمين/اقباط في بعض المحافظات، مثل محافظة مرسى مطروح التي اختارت نعم بنسبة 93%، وهي نسبة من الصعب تخيل وجودها اذا كان الامر متروكا للتحليل الفردي للناخبين... هناك أسباب اخرى بالطبع لفوز النعم لكن يصعب تخيل إنها كانت مؤثرة بالقدر الكافي ، واعتبارها هي المؤثر الأول في النتيجة يماثل تفسير أحدهم لتصويت عم احمد الفلاح البسيط بنعم بانه يخاف على البورصة المصرية من الانهيار !!
عم احمد لم يستطع فهمه ان يحيط بما ستؤول اليه الاحداث في الحالتين ،فاحتاج إلى من يبسطها له، واختار صوته على قدر فهمه للتبسيط الذي سمعه ،فالتبسيط في تعريفة يعني التخلص من المعلومات الغير هامة من وجهة نظر المتكلم، بمعنى إن عم احمد اختار ماأراد له مخاطبه ان يختار... وهو ليس عيبا كما ترون في رجال الدين، لكنه عيبا في الجهل، فالشعب المصري به نسب مرتفعة من الجهل وقد صدف ان يكون متدينا (مسلما كان أو قبطيا)، بمعنى انه لو لم يكن كذلك، لوجد سببا اخرا لينصاع خلفه وهي سمة الشعوب حديثة العهد بالديموقراطية.
فرض الرأي
ولذلك لم تكن النعم وحدها من فرضت رأيها مستعينة بالدين، بل استعان كل من ارد نشر رأيه وتلقينه لمجتمع من غير مثقفين بذلك ، فكان هناك دعاوى من بعض القساوسة والليبرالين بالتصويت بلا وربط النعم بقيام دولة اسلامية طالبانية في مصر، وقد لا يرجع كل هذا لخطأ المتكلم بل لجهل المستمع وعدم تحريه لصحة مايسمع، ولذلك يلجأ البعض في تبرير فرض اللا إلى الرد على التيار العاتي للانصياع الاعمى، ولكن نسوا أن الانصياع لا يواجه بديكتاتورية الرأي كما أن الخطأ لا يواجه بخطأ مثله.
فرض الرأي باستخدام الدين(http://bit.ly/hrbi7U (http://bit.ly/e2KdJE)( – باستخدام دكتاتورية الرأي (http://bit.ly/fodrhw)
السذاجة السياسية
وفي خضم التكتل الذي أحدثه الاستفتاء، يمكننا تفسير ذلك التكتل في ضوء عدم اتضاح الرؤى وتخوف الفريقان من بعضهما، ورفضهما للاستماع إلى الآخر، فلم تكن نتائج الاستفتاء لتخدم مصالح طرفا دون الآخر على اية حال... فدخول الاخوان بقوة في البرلمان حادث لا محالة، وهو غير مرهون بنتائج الاستفتاء، كما أن قيام دولة طالبانية في مصر من المستحيلات ببساطة لأن حتى اكثر التيرات الدينية تشددا لا تطالب به، وبالمثل لن يحدث في مصر حتى لو كان البرلمان بأكمله ليبرالي أن تجد الشذوذ مباحا على سبيل المثال ببساطة لأن الديمقراطية تعني حكم الشعب، والشعب بطوائفه المؤثرة متحفظ ويكره الفجور.. أي ان كل تخوفات الفرق من بعضها غالبا محض سوء فهم مدفوع بحسن النية (أو في قليلا من الحالات اجندة تخدم مصالح فئوية).
السذاجة السياسية للفريقين (النكت التي ظهرت عن وصول الاخوان للحكم - غزوة الصناديق(http://bit.ly/fhRbsi))
اللهو الخفي والاتجار بالدين
طبعا كلنا نتفق على معاداة الاتجار بالدين، ولكن قد نختلف في تعريفه، ونختلف في تحديد من يمارسه، وقد ظهرت اخيرا اتهامات تتطاير في كل حدب وصوب تتهم بعض الفئات بالاتجار في الدين، وكان من ابرز المتهمين الاخوان المسلمون والطريقة السلفية والكنيسة .. بداية دعنا نعرف الاتجار بالدين، الاتجار بالدين هو كل استخدام للدين لتحقيق أهداف فئوية أو شخصية ، اذن فأي فريق يربط الدين برأيه يكون قد ارتكب تلك الجريمة ، وأي داعية يحدث برأيه -حتى لو كان استحسانا- من على المنبر للتأثير على الناس يدخل ايضا تحت طائلتها لانك حتى وأن قدمت اسبابك لتقنع العقلاء ممن يسمعوك، فلن تمنع الجهال من خلط رأي الدين برأيك.
الآن حان وقت المتهمين ،اولا الاخوان: الاخوان كجماعة يعتبروا تيار سياسي ، ولذلك من الطبيعي أن يساندوا رأيهم، لكن الخارج عن الطبيعي ان يروجوا لفتوى وجوب التصويت بنعم ، وطبعا استند من يتهموهم بذلك إلى يافطات كانت معلقة وعليها شعار "وأعدوا" الخاص بالاخوان.. وطبعا لأن الاخوان جماعة سياسية ويعرفون أن فعلا كهذا سيضر بمصلحتهم اكثر مما سيفيدها فسارعوا بنفي ارتباطهم بتلك اللافتات، مما يستبعد القيادة العليا -في رأيي- من اصدار هذا القرار، فهو اما صدر من احد الاعضاء أو القيادات التنفيذية نتيجة جهل ، أو كما يدعون هو مدسوس عليهم ، ولكن من دسه لابد أنا يكون من مريدي نعم (من الغباء ان تصدر فتوى بوجوب شيء إذا كنت لا تريده)ويكون من كارهي الاخوان (وهي تنطبق على أي حزب سياسي) وصاحب ذمة مهترئة (ايضا أي حزب سياسي (وهي مواصفات تنطبق على احزاب عدة ابرزهم الوفد (والذي استعان بألعاب قذرة في هذا الاستفتاء بالذات مثل اشاعة تراجع حمزاوي عن اللا) .
ثاني المتهمين، هم السلفية، والسلفية ليست جماعة لها ملامحها، بل هي مذهب ديني به الكثير من مدارس الفكر، وللاسف فقد وقع الكثير من السلفيين في خطأ الاتجار بالدين (لم تصل إلى حد التحريم والوجوب أو التكفير ولكنها تعتبر اتجارا)، كما ظل الكثير منهم ايضا بعيدا عن التوجيه فوق المنابر بحكمة يحسدون عليها، ولكن المتفق عليه بين معظم السلفية كان الرأي نعم، وبما أن السلفية ليسوا بحزب سياسي فمن الطبيعي ألا يكون لهم هدف ورؤية سياسية موحدة، اذن فعلى ماذا كان هذا الاتفاق ؟ رأيي الشخصي أن الدعاة الاسلاميين البعيدين عن السياسة خافوا على دينهم وظنوا ان هناك مؤامرة ما تحاك ضدهم (خصوصا بعد نقاش المادة الثانية) وحاولوا التكتل والتجمع باي شكل لحماية دينهم ، واغفلوا أن الشعب المصري لن يترك مساحة لالغاء المادة الثانية سواء تحركوا ام لم يتحركوا وكان امامهم خياران، اللا التي بها الاقباط ،المثقفين من العلمانيين والليبرالين والمسلمون، أو النعم التي بها الاخوان وطبعا لايحتاج الامر لمحلل استراتيجي لمعرفة إلى أي جانب سيميلون.. أي ان اختيارمعظمهم للنعم كان تكتل لمجرد التكتل ،وقد قالها الشيخ محمد حسين يعقوب صراحة في خطبة غزوة الصناديق (وهذا لا ينفي اختيار الكثير من السلفية النعم عن اقتناع مثل الشيخ محمد حسان).
الخلاصة أن الاتجار غالبا كان جهلا، واكبر مؤثر ديني كان شيوخ المساجد الصغيرة، الذين ظنوا ان النعم في مصلحة الدين فعلا فمضوا يخطبون في الناس بوجوب النعم، فكان المجرم الوحيد هنا هو الجهل.
التيارات الاسلامية بين دخول رجال الدين في السياسة ودخول الدين لرجال السياسة
كلنا يعلم مقولة الشيخ الشعراوي الشهيرة "أتمني أن يصل الدين إلي أهل السياسه و أن لايصل أهل الدين إلي السياسه"، ولأن الاخوان المسلمين هم التيار الديني الوحيد المؤهل سياسيا فيمكننا القول أن الاخوان هم الجزء الاول من المقولة ، لذا فوصلهم إلى السلطة يعني ضمنيا تحسن الوضع السياسي (مقارنة بما كان ( اما الجزء الثاني من المقولة فهو كارثة سياسية ، فرجل الدين حين يكون غير مؤهل للخوض في السياسة ثم يخوض فيها ، يكون بذلك قد افسد السياسة على الساسة، وافسد الدين على ابناء دينه ، ولمنع هذا من الحدوث فان سن قوانين ضد هذا الفعل يعتبر افتراء على حرية التعبير ، ويكفي ان نظام مبارك البائد نفسه لم يكن يجرم ذلك )وإن كان يمنعه فعليا)، لذا فالحل الاصلح هو رفع وعي رجال الدين السياسي لكي يستغلوا المنابر في التفنيد بدلا من التوجيه وفي الحث بدلا من التلقين.

دينية السلفيين ومدنية الاخوان وديموقراطية الليبراليين
لدى مشاهدة ذلك المشهد في فيلم عمارة يعقوبيان والذي هتف فيه المتظاهرون "عايزنها اسلامية، اسلامية" تكونت لدى البعض فكرة عما قد يؤول اليه الحال إذا وصل الإسلاميون أو الاخوان إلى الحكم الجلاليب هي الزي الرسمي ، جماعات النهي عن المنكر تسيطر على الشارع وتجلد الناس ، يتم القبض على غير المحجبات ، حتى وصل الامر للسخرية من الحال بعد الاستفتاء بان "كلمني شكرا" ستصبح "كلمني جزاك الله خيرا" ومارينا سيتم تسميتها "شاطيء الشيماء" حيث المايوه الشرعي فرضا قانونيا... والحقيقة هذا لا يعكس جهل بالتيارات الاسلامية في مصر والدين الاسلامي ككل فقط ، بل يعكس ايضا مرضا مجتمعيا متفشيا وهو الاسلاموفوبيا...
ولتوضيح المفهايم لن نبدأ بتعريف الدولة الثيوقراطية والدينية والمدنية فلقد حفظنها مرارا وتكرارا، ولكننا سنعرف دولة السلفيين الدينية، ودولة الاخوان المدنية ودولة الليبراليين الديمقراطية... بادئ ذي بدء يريد السلفيين دولة اسلامية بمعنى إنها تطبق الشريعة الإسلامية... وذلك الفكر يتراوح بين تطبيق الحدود في ظل حياة سياسية سليمة ديموقراطية، وبين الغاء الحياة السياسة بالمرة والعمل بنظام بديل وهو الخلافة... وبالطبع فان وجهة النظر الأخيرة قلما تجد مؤيدين من العامة ، وحتى المؤمنين بها ليست لديهم الخبرة الكافية لكي يعملوا على تحقيقها ، أي انها لن تتحقق سواء اردنا ام لم نرد والسلفية بوجه عم لن يصلوا إلى مراكز اتخاذ القرار لانه تنقص معظمهم السياسة الكافية لذلك... اما عن مدنية الاخوان فهم يريدونها حرة تلتزم بالمرجعية الاسلامية ، أي انها لا تزيد شيئا عن دولة مبارك من ناحية الالتزام بالشرع إلا جزء الحرية والديمقراطية المطلوبة ومن المفارقات أن الليبراليين يريدون نفس الدولة ، مع الاختلاف على حيثيات بعض القوانين والتي ليس لها مجالا في الدستور أصلا بل هي من اختصاصات مجلس الشعب أي ان معظمنا نتفق على ملامح الدولة المطلوبة ، ومع ذلك يتخوف بعضنا من فهم البعض الآخر لذلك المفهوم، سواء لجهله بثقافة الطرف الاخر أو لعدم ثقته به.
الاسلاموفوبيا والعلمانوفوبيا
نريدها مدينيقراطية !!
لم يكن ماسبق تشاؤما أو تذمرا، وانما كان تحليلا لمسببات الأمور، ولم يكن تحذيرا من فئة ما، وانما كان دعوة للتوعية وعدم تكرار اخطاء الماضي فقد كانت احد اهم الاسباب التي اخترت التصويت بلا من اجلها هي المهزلة التي تحولت اليها بعض عمليات التوعية ، فأصبحت مسابقة لفرض الرأي والخداع بدلا منها توضيحا لعقبات الامور فخوفي من أن تتكرر تلك المهزلة على نطاق اكبر في الانتخبات البرلمانية يجعلني افقد ثقتي في البرلمان القادم عاجلا جاء ام آجل... ولذا فضلت أن يختار المجلس الأعلى اللجنة التأسيسية خيرا من أن يختارها برلمان انتخب في نفس ظروف الاستفتاء، فكان من رابحيه المنافقون والمتاجرون بالدين... فلنأمل ان أكون مخطئا... وكفانا تشاؤما، فقد أنزلنا20 مليونا من بيوتهم في اقل من شهر، افلا نستطيع حثهم على سماع اكثر من رأي في ستة أشهر؟
لذا يبقى ان نستخلص مما حدث ما يمكن أن نتفادى به تكرار حدوث تلك الفرقه، وأولها هي نشر ثقافة تقبل الآخر بين طبقات المجتمع الدنيا ، وتوضيح علاقة الدين بالسياسة والتفرقة بينها وبين توجيهات رجال الدين . اما ثانيها، فهي محاربة المتاجرين بالدين بايجابية ..فلقد علمنا أن تلك المتاجرة هي اوسع الطرق للحياد عن الديموقراطية، وأن قطع ذلك الطريق يكمن في رفع وعي رجال الدين انفسهم ،فكم منا قد سمع خطيب الجمعة وهو يوجه الناس توجيها وكان رده الصمت؟ لقد انتهى عصر الصمت حين علمنا ان بصمتنا هذا افسدنا عقول المستمعين ، فوجب علينا رده بأدب بعد انتهاء الخطبة، وحتى وإن لم ياخذ بنصحنا فلعله يخاف الخوض فيها مرة اخرى خشية الناس .
وبالرغم من انها خطوات سهلة، وقد تصل إلى معظمنا بدون تحليل الاوضاع، لكن يبدو انا قررنا ان نتعلمها بالطريقة الصعبة... فلنأخذ منها العظة اذا ،تلك العظة التي ستعيدنا إلى الحلم الذي حلمنا به ذات مرة ونحن نسمع دوي المدافع في ميدان التحرير ونتهم بخراب بلادنا وديارنا... فننظر إلى السماء ونصطبر لاننا كلنا ثقة وأمل أننا سنصل إلى ذاك الحلم يوما ، نصبر لاننا نعلم علم اليقين انه سيأتي يوما يكون لنا صوت، ونكون نحن -ابناء مصر- ملاكها فدعنا لا نكن كمن وصلوا إلى غايتهم، وبدلا من أن ينعموا بها ، تنازعوها، فلا هم تمتعوا بها ،ولا هم تركوها وشأنها فأهلكهم النزاع جميعا.