Showing posts with label Arabic. Show all posts
Showing posts with label Arabic. Show all posts

Tuesday, 28 October 2014

عن الشقيقتان: يافا وتل ابيب

يرجع تاريخ مدينة يافا لما يقرب من الأربعة آلاف سنة كانت خلالها تحت حكم ممالك وسلاطين عدة.. تعتبر يافا من أقدم المرافئ في العالم، وكان أول ذكر تاريخي لها عام 1500 ق.م حين غزاها الفرعون تحتمس الثالث وسيطر عليها الفراعنة آنذاك.. ذكرت يافا في الإنجيل والتوراه بإنها المرفأ الذي وصل فيه الخشب المستخدم لبناء هيكل سليمان...
كان سكان يافا من العرب واليهود واليونانين قبل سيطرة دولة الخلافة الاسلامية عليها عام 636م، وظلت تحت دولة الخلافة حتى عام 1099 حين وقعت تحت سيطرة الحملة الصليبية التي طورت المدينة وحصنتها... استطاع صلاح الدين استردادها بعدها بقرن، لكن سرعان ما استردها ريتشارد قلب الأسد لقرن آخر حصنت فيه القوات الصليبية المدينة اكثر، حتى استطاع السلطان المملوكي بيبرس السيطرة على المدينة وتدمير حصونها.. بعدها بقرن آخر كانت هناك خطة لغزو صليبي جديد، لكن الناصر محمد دمر مرفأ المدينة لكي لا تقع في ايدي الصليبين مرة أخرى..
في عام 1799 دمر نابليون بونابرت معظم المدينة التي كانت تقع تحت حكم العثمانين وقتها وقتل اعداد هائلة من السكان، وقتل ايضا الحامية المسلمة المكونة من بضعة آلاف بعد ان استسلموا، ثم قام الطاعون بقتل جزء آخر... انكمش تعداد سكان يافا كثيرا بعدها، ولم يزد مرة اخرى إلا في القرن التاسع عشر حين اصبحت يافا مركز تجاري كبير للامبراطورية العثمانية..

في اواخر القرن التاسع عشر بدأت اعداد قليلة من يهود المغرب ويهود الاشكيناز الوصول إلى المدينة والاعتمال بالتجارة نتيجة لنجاح المدينة التجاري، لكن لم تستوطن الصحراء شمالي يافا إلا بداية من 1886 حين بنى اليهود اليمنيون حي "كرم هاتيمنيم" والتي تعني "كرمة اليمنيون" بالعبري، وهو الحي الذي لاحقا اصبح حجر الأساس لمدينة تل ابيب.
اسمترت الاحياء الوليدة في التمدد من النزح اليهودي الذي كان في البداية نزح ذو أهداف اقتصادية ثم اصبح غالبيته بعد ذلك ذو أهداف صهيونية، لكن ذلك لم يغير من هدف مجتمع "المنزل" اليهودي الذي كان مهمته "بناء مدينة نظيفة وجميلة لتكون المركز الحضري لليهود"، والتي كان "مايير ديزينجوف" -أول عمدة لتل ابيب- يحلم بها كمدينة متحضرة تعيش في تناغم مع جارتها العربية يافا...

بدء الموضوع بشراء الأرض الصحراوية الخالية من الحكومة التركية، ثم تقسيم الأرض بالقرعة على ال66 اسرة اليهودية المشتركة في الشراء، واخيرا في 1910 اختير اسم تل ابيب للمدينة الوليدة..
اسمتر الوجود اليهودي في تل ابيب من وقتها بإستثناء سنة واحدة خلال الحرب العلمية الأولى حين طردت الدولة العثمانية كل اليهود من يافا وتل ابيب، ثم سمحت لهم بالعودة بعد تلك السنة.. استمرت المدينة في النمو، وزاد الاحتكاك بين المدينة اليهودية تل ابيب والمدينة الغالب عليها العرب يافا، وتسبب ذلك في ترك الكثير من يهود يافا بيوتهم في يافا وانضمامهم للمدينة الجديدة.. لم يتوقف نمو المدينة حينها، ففي عام 1923 اصبحت تل ابيب أول مدينة فلسطينية تدخلها الكهرباء، ولحقتها جارتها يافا سريعا لتصبح المدينة الثانية.

تضخم عدد السكان في تل ابيب بقوة خلال الحرب العلمية الثانية نتيجة لنزح اليهود من اوروبا خوفا من النازيين، ووصل تعداد تل ابيب وقتها ل150،000 نسمة لتتخطى بذلك لأول مرة تعداد ال70،000 عربي من سكان يافا.. الاحتكاك بين المدينتين زاد واضطرت تل ابيب لاول مرة افتتاح مرفأ خاص بها بدلا من الاعتماد على مرفأ يافا..
في عام 1947 في خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب كانت تل ابيب جزء من الدولة اليهودية، بينما كانت يافا (التي كانت وقتها 60،000 مسلم، 30،000 يهودي، 15،000 مسيحي) جزء من الدولة العربية. لكن ذلك سرعان ماتغير في اقل من سنة حين قامت الحرب حيث سيطرت الدولة اليهودية على يافا وضمتها لحدودها.. خلال تلك السنة كان هناك اختلاف سياسي بين بلدية تل ابيب -التي أرادت ضم الاجزاء الشمالية من يافا التي يسكنها اليهود لحدود بلدية تل ابيب- وحكومة اسرائيل -التي ارادت ضم يافا بالكامل لتل ابيب-. خلال السنتان التاليتان تم ضم يافا لتل ابيب تدريجيا، وتم تهجير جزء كبير من السكان العرب من تلك المناطق. في عام 1950 اصبحت يافا رسميا جزء من البلدية، وتم اعادة تسمية البلدية ل"تل ابيب-يافو" للاحتفاظ بالاسم التاريخي لمدينة يافا، لكنها بقيت معروفة باسم "بلدية تل ابيب".

يافا اليوم تتكون من 30،000 اسرائيلي يهودي و16،000 اسرائيلي عربي، وتعتبر من المدن السياحية المهمة في اسرائيل.. شقيقتها الصغرى تل ابيب اصبحت اكثر من عشرة اضعاف سكان يافا، واصبحت من اهم المدن الاقتصادية في العالم وثاني اكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وافريقيا، وعاصمة من عواصم التكنولوجيا في العالم... اليوم إذا كانت تسكن في تل ابيب فانت تسكن في اكبر عاصمة تكنولوجية واقتصادية في المنطقة.. أما إذا كنت تسكن في المدينة التاريخية يافا، فإنك تسكن في "يافا، بلدية تل ابيب، إسرائيل".

Thursday, 14 August 2014

نني عينيها من جوه - قصة قصيرة

انفتح باب التخشيبة ببطء وطلت منه الرأس العملاقة للشاويش.. وقف برهة ساكنا كأنما تذكر كرهه للمكان، أو ربما تذكر كرهه ليومه أو حياته كلها.. مرت ثواني وبعدها عاد بنظره للمتهمين الجالسين على أرض التخشيبة ونادى بصوت جهوري رتيب "خالد ناااصر". تحرك أحدهم ببطئ من ركن مظلم في التخشيبة وقام من على الأرض بكسل وهو يبدو عليه التعب، نفض التراب من ملابسه واتجه نحو الباب خاطيا فوق يد أو ساق احدهم، ولم يبد ان أحد يبالي بذلك… مشى وراء الشاويش في صمت. تحرك الرجلان في أروقة القسم ببطء شديد وكأنه لا يوجد في الكون كله ما يستحق. تعلو وجههم نظرة لامبالاة قادرة على امتصاص الحياة ذاتها من استاد مليء بالمشجعين، وتحت الإضاءة الصفراء الرديئة للرواق الطويل ظهر وجه الرجل الثاني.. شاب ثلاثيني يبدو عليه النعاس، يرتدي عوينات مهشمة ربطها بخيط يبدو أنه مأخوذ من قميصه الأصفر الخفيف، ويبدو على  الشورت الطويل الذي يرتديه آثار احذية متنوعة الأحجام والأشكال. كان الشاويش ينظر إليه بحسد وتحسر كلما تثائب ومد ذراعيها في الهواء لتسمع فرقعة العظام بصوت عالي وكأنما يحسده على النوم الذي ظفر به في التخشيبة، فقط ليتذكر كرهه للحياة و العالم، ثم تعود نظرة اللامبالة لتعلو الوجهين.

طرق باب مكتب ما ثم دخل ليقول بنفس الصوت الخالي من أي أمل في الحياة "خالد ناصر يا باشا". تمر لحظات صمت  بدون ان ينظر وكيل النيابة للشاويش لا يقطعها سوى صوت أنين مروحة السقف القديمة، حتى يرد الوكيل بصوت بارد بدون ان يرفع نظره عن هاتفه "خلاص دخله واتكل أنت يا رضا".
التقط مجموعة من الأوراق من على مكتبه ونظر إلى الراجل الناعس بإهتمام وقال "أنت بقى خالد ناصر؟" أومأ الشاب برأسه في كسل وأردف "دكتور خالد ناصر" نظر إليه الوكيل في استمتاع وقال "بس مكتوب هنا إنك مهندس". لم تتغير نبرة الشاب هو يرد "دكتور مهندس". أومأ الوكيل برأسه وتظاهر بتقليب الأوراق التي أمامه، ثم رفع رأسه مجددا للشاب الماثل أمامه وسأله "أنت بقى معاك الجنسية الأمريكية يا خالد ؟" بدا على الشاب نظرة اهتمام لأول مرة… ضاقت عينيه وفكر قليلا، ثم قال بشك "لأ للإسف...، ليه ؟" بدت على الظابط نظرة اندهاش ثم عاد ليطالع الورق بإهتمام. مرت بضع ثوان فتوجه الوكيل بنظره إلى الشاب وسأل بفضول "أُمال ليه السفارة الأمريكية باعتة طلب دبلوماسي بتطالب بالافراج عن واحد مصري ؟". اقترب الشاب من المكتب ببطء، ونظر إلى الورق الذي بيد الوكيل بإهتمام، ثم ابتسم فجأة بعد ان لمح كلمة ما في الورق.. قال بفهم "ديه الشركة اللي أنا شغال فيها بعتت طلب لوزارة الخارجية عشان تعمل كده".. نظر الوكيل له في شك، ثم نظر في شك للورق وقال  "الشركة بتاعتك هتخلي السفارة الأمريكية تبعت طلب دبلوماسي عشان واحد من الموظفين بتوعها ؟ ليه أنت تعرف مين هناك ؟" لم تتغير الابتسامة على وجه الشاب ورد في هدوء "لا ماعرفش حد، أنا بس مهندس في قسم البحث بتاع الشركة، وبمثل بالنسبالهم مورد مهم".. لم تبدو على الوكيل علامات الفهم فأضاف الشاب "والشركة ديه مصدر كبير للضرايب في امريكا فالحكومة ووزارة الخارجية بياخدوا طلباتها على محمل الجد دايما". اعتدل في جلسته وسأل الشاب "أنت قلتلي بتعمل إيه في الشركة ديه يا خالد ؟" هم الشاب بالحديث لكنه تردد للحظة، ثم بدت عليه صعوبة لشرح مايريد قبل ان يقول "مهندس بحث في قطاع الهوائيات، باطور الهوائيات بتاعت الأجهزة المدمجة اللي بتستخدم في العربيات". لم يبد على الوكيل انه فهم كلمة واحدة مما قيل، فأضاف الشاب بتردد "تقدر تقول مطور أو مخترع". ابتسم الرجل وقال في فخر "مخترع… زي الدكتور عبدالعاطي والدكتور زويل كده ؟".. بدت على الشاب نظرة غباء للثوان، ثم قال بتهكم "تقدر تقول كده".

ضحك الوكيل وتغيرت نبرته تماما وهو يقول للشاب "هم دايما المصريين كده… مبدعين في كل حتة". اظلم المكتب فجأة وتوقفت مروحة السقف عن الهسيس، لحظات قليلة وأنار ضوء أبيض خفيض من ركن الحجرة يبدو انه اضاءة الطواريء، لم يبد على الوكيل انه يبال بانقطاع الكهرباء، واستمر في الكلام "أهو عشان كده الخواجات دايما طمعانين فينا، مش كده ولا إيه ؟".. ابتسم الشاب ابتسامة صفراء وأومأ فيما حاول أن يجعله أقرب شيء للموافقة.. "هم بلاد برة كده دايما، منغيرنا احنا مايعرفوش يعملوا حاجة.." قالها وهو يفتح شباك المكتب بعد ان توقف مكيف الهواء ومروحة السقف عن العمل.. "طب ده أنا حتى ليا قريب في ألمانيا بيقولي كل الداكترة هناك مصريين".. لم يدر الشاب بماذا يرد، فاكتفى بابتسامة حمقاء وتحريك رأسه "آه ولله.. زي مابقولك كده".. اقترب الوكيل منه وقال "الخواجات يا خالد عايزين يمصوا دمنا، يعاملونا معاملة ولا الحيوانات وبعدين يتقدموا على قفانا". وضع يده على كتفه، تأوه الشاب في ألم وقال بصوت مبحوح "كتفي حضرتك مفتوح من ضرب العساكر امبارح في المظاهرة". لم يبد على الوكيل انه سمع ماقاله الشاب، لم يحرك يده وقال في لهجة درامية "إنما الواحد فينا لو قعد في بلده عشان يفيدها يقعد معزز مكرم في وسط أهل بلده وياكل الشهد" تراجع الشاب للخلف ليهرب من قبضة الوكيل على كتفه، ليرتطم بباب المكتب الموارب.. اسمتر الوكيل في التحدث باللهجة الدرامية وهو ينظر إلى السقف في تجلي "المواهب اللي زيك يا خالد مصر محتاجها، ادي البلد عشان تديك يا خالد.." تعثر الشاب في عتبة الباب ليسقط بالخارج، حيث كان الشاويش يقف ويندب حظه في الدنيا.. لم يبد أن الوكيل مهتم بسقوط من يتحدث إليه وقال في لهجة ملحمية وهو يحرك يديه في الهواء "مصر تشيلك في نني عينيها من جوه بدل المرمطة في بلاد برة.. مصر أولى بيك".. نظر خالد إلى قدمه المليئة بالكدمات من أثر الضرب، ثم نظر إلى الشاويش الموشك على الإنتحار من فرط الكآبة، ثم تحرك بنظره إلى مروحة السقف الساكنة في الظلام وتمتم  "مصر في القلب طبعا" ثم تحرك بنظره إلى الورقة ذات الطباعة الفاخرة المختومة بختم النسر الأقرع الأمريكي في يد الوكيل، ووقع نظره على الجزء الواضح منها والمكتوب فيها بخط منمق كبير باللغة العربية "المواطن خالد ناصر يهمنا أمره بشدة"".. ثم أضاف بصورة شبه آلية وهو يحاول إظهار نبرة السخرية في صوته قدر الإمكان "هنعمل إيه بقى… ربنا يصبرنا على ذل الاجنبي". ثم ساعد نفسه على القيام وهم بالإنصراف وهو يجر ساقه المصابة في الظلام.

بقلم/ عبدالرحمن بليغ.

Tuesday, 5 August 2014

معضلة الأخلاق والدماء وشنط رمضان

مر مجتمعنا بتجربة الاختلاف العلني الحاد ربما كانت الأقوى منذ فترة مديدة. وبينما كان المجتمع المصري دائم الاختلاف قليل الانسجام الفعلي في عمره الطويل، كان كثيرا ما يلجئ للكتمان والتجاهل لتجنب حل تلك الصراعات، وفي حين تتعلم المجتمعات الغير منسجمة ثقافة الاختلاف من الاحتدام العلني والحروب الأهلية، لم يواجه مجتمعنا عدم انسجامه يوما، ولم يعترف بوجوده أصلا. في العامين الماضيين على وجه التحديد، وصلت تلك المواجهات لأوجها، فظهر الوجه القبيح للأخلاق المجتمع، وتجردت الوجوه من أي سماحة كانت تصطنعها، وبدت الأزمة الأخلاقية لشعب كامل لم يتقبل الاختلاف يوما.

وبينما ذهل البعض من أخلاق جيرانه وأصدقائه العفنة، اختار البعض تجاهل تلك الحقبة واعتبارها “سقطة أخلاقية" لكي يستطيع معاودة حياته اليومية بدون أن يجز رقاب زملائه وأقرابه وينكل بجثثهم... وفيما تبدو فكرة القتل المتسلسل مغرية للكثير منا، يظل واقع الأمور أن علينا معاشرة تلك المسوخ بوجوه بشوشة لبقية حياتنا، أو حياتهم، أو حتى تنفجر فينا جميعا قنبلة الخلاص، أيهما أقرب...

لكن المشكلة الحقيقة، أن من أي زاوية نظرت للموضوع، فقصة "سقطة أخلاقية" تخلو تماما من أي منطق… تخطي الطابور في المترو سقطة أخلاقية، سرقة العشرة الجنيهات التي سلفتها من صديقك سقطة أخلاقية، الكذب على زوجتك لمشاهدة مباريات كأس العالم سقطة أخلاقية، حتى سرقة مقال قد تعد سقطة أخلاقية، لكن استباحة الدم والحث على القتل قطعا ليست سقطة أخلاقية، بل أن وصفها بالفاشية يبدو انتقاصا من حقها.

وفي حين أن لك حرية الاختيار الكاملة في تعاملك مع من اختلفت معه على ابسط قواعد المنطق وقيمة الحياة البشرية، لكن تبقى الحقيقة ثابتة لم تتغير:
من يرى أن التعامل مع الاختلاف يكون بالقتل أو الإعدام أو العنف البوليسي أو حتى بسحب الجنسية فهذا لسنا مختلفين معه في الآراء... هذا شخص مختل عقليا لديه بوار أخلاقي يسمح له بتبرير أي جريمة من منطلق المصلحة الفردية والقبلية... من يرى أن فض اعتصام بقتل المئات هو إنجاز عظيم أو عمل لابد منه أو أي شيء غير كونه جريمة بشعة هو شخص مريض ليس لديه الحد الأدنى من الأخلاق ليعيش في مجتمع بشري غير همجي... من يرى القتل ويدين المقتول أو من حثه على المعارضة شخص مختل … من يصرخ “الدم المصري كله حرام” و"فلنوقف العنف من الجانبين" كأننا لا نعرف الجاني والضحية، كأن القاتل لا يقف عند رأس من قتله ممسك برشاشه ويده تقطر دما، من يرى هذا ثم يبحث عن "تقصي الحقائق" ويطالب بالبحث عن الجاني هو شخص أعمى أزهق ابسط معاني إنسانيته ليتماشى مع مجتمع عاهر... من يطالب بالتخلص من معارضيه لكونهم معارضيه، من يتهمهم في قتلهم وسحلهم، من يتساءل جادا "إيه اللي وداها هناك؟"... من يتقبل حكم بإعدام مئات الأشخاص بقلب رحب، من يرى فيه العدالة، من يرى فيه أي نوع من أنواع المنطق، من ينتظر ليرى حيثيات الحكم، من يقل “لعلهم أخطأوا في شيء”، من يضع قيمة القانون قبل قيمة الحياة، من يضع قيمة الوطن قبل قيمة الحياة، من يرى إسكات الأفواه حلا لمشاكل أصحابها، كل هؤلاء ليسوا بشرا... كل هذه القيم ليست مجرد اختلاف... كل هذه التصرفات ليست مجرد سقطات أخلاقية… هذا اختلاف جوهري على ابسط معاني الإنسانية والمنطق، يجعلنا نشك أن صاحب الرأي لديه من العقل ما يكفيه لاتخاذ قرار صائب في حياته، لديه من الأخلاق ما يكفيه لنأمن وجوده بيننا، لديه من الإنسانية ما يكفيه ليكون بشرا...

هؤلاء الأشخاص -بالرغم من شكنا القوي في رجاحة عقولهم وقدرتهم على تقبل الاختلاف- لا يزالوا يعيشون بيننا، ولا يزالوا يحسبون انفسهم بشرا. وبذلك فهم لم يكفوا عن التشبه بالبشر وممارسة ما يسميه البشر “تعاطفا"، ويشاركوا في أنشطة خيرية كجمع التبرعات ومساعدة من رضوا عنهم وبالطبع شنط رمضان. وبالرغم من أنه على الأرجح هم صادقوا النية في ذلك، لعلهم يظنون فعلا انهم بذلك محسنون كما أن إبلاغ الشرطة عن جارهم الملتحي كان إحسانا، إلا إن شكوكنا في صحة قواهم العقلية وقدرتهم على اتخاذ قرارات أخلاقية تضع عائقا كبيرا في التعاون معهم في أعمال الخيرية مثل تلك... طبعا عمل مثل شنط رمضان هو عمل خيري طبيعي ليس عليه غبار، طالما سيذهب إلى محتاجيه بدون تفرقة، فالباقي يعد مجرد تفاصيل تنفيذ، لكن حين يعود الأمر لأحد الشيفونيين الجدد لإدارة التنفيذ، شخص سمعته مرارا يدعوا بالموت على الضحايا لما سببوه من خراب، ويصدق على أحكام الإعدام الجماعي، شخصا مثل هذا يمكن بكل سهولة أن تأثر لوثة أفكاره على تنفيذ أي شيء.. يمكن بكل سهولة أن ينتقي من يحصل على المساعدة بناء على معاييره العفنة، يمكن بكل سهولة أن يعتقد أن في مساعدة الشرطة في قهر المدنيين ثواب رمضاني عظيم.

إذا كنا سنعيش معهم لا محالة، فلابد من التعامل معهم بطريقة أو بأخرى، لكن بالنسبة لي –وأنا كثير الثقة في الناس- ثقتي في أي شيء يتضمن ولو اصغر القرارات منهم ستكون اقل بكثير من ثقتي في قرارات أي شخص غريب لا أعرفه... أي أني إذا أردت أن أعطي  نقودي لمن يستطيع أن يساعد بها المحتاج، سأفضل أن أعطيها لشخص عشوائي في الشارع عن أن أعطيها لذلك القريب أو الزميل …

في النهاية الموضوع براجماتي بحت… أنا رأيت بوصلة اتخاذ القرار لهذا الشخص، وإيماني بالطبيعية البشرية يجعلني شبه متأكد أن هذا الشخص من أسوء عينات البشر في العالم، أي أني باختيار شخص عشوائي من الشارع لدي فرصة أكبر في الحصول على شخص أجدر بثقتي فيه… فخلال حياتنا كلنا نرتكب الأخطاء، لكن هناك أخطاء هي مجرد أخطاء -كبيرها وصغيرها-، وهناك أخطاء تجرد قيمنا وتكشف الوجه القبيح للوحوش التي بداخلنا، والتي لم تخرج حتى الآن فقط لأنها لم تمكن بعد.

Monday, 16 September 2013

تلة هامشير - قصة قصيرة

دخل إلى البيت مسرعا، انطلق عدوا نحو غرفة المكتب في الطابق العلوي. كان كل شيء مرتب في عقله، يعرف تحديدا ما يتوجب عليه فعله، وهو ما بدى له غريبا، كان يتوقع أن يفزع أو أن يفقد السيطرة... جفف دموعه بظهر يده ثم بحث قليلا على الإنترنت، امسك الهاتف في لهفة، انتظر في نفاذ صبر وهو يضغط الأزرار لمحاولة تخطي القائمة الصوتية والوصول لشخص ما يستطيع التحدث معه… كانت نوافذ الغرفة المظلمة مفتوحة على مصراعيها في إهمال، يتسلل إليها نسيم باسادينا العليل وتترقق في الأفق أضواء لوس أنجلس الصاخبة …أضاء وجهه حين ردت عليه ممثلة الشركة وقال في لهفة مسرعا “أريد أكبر شاحنة لديكم يمكنها السير على الطرقات الوعرة!”.

نظرت إليه في دهشة، كانت أضعف من إن تسأل، أضعف من أن تهتم… أشارت إليه في وهن بمعنى أنها لا تفهم أو لا تهتم، لكنه لم ينتظر إجابة حقيقة منها، نزع المحاليل المتصلة بجسدها، حمل جسدها الواهن بين ذراعيه، خرج بها إلى الرواق فأبدت بعض الممرضات اعتراضا لكنه اخرج ورقة ما من جيبه فأخرسهم، نزل بها لقبو المشفى عدوا، وضعها على سرير حديدي لا تعلم من أين أتى، ودفع السرير إلى شاحنة نقل رباعية الدفع مثل التي كان يقودها أبوها يوما وسط مزارع نبرسكا.

انطلق في تؤدة محاولا ألا يجعل الرحلة شاقة عليها، بدت على وجهه نظرة تطلع، وهي نظرة لم يعرفها وجهه منذ أزمان - خمس سنوات على وجه التحديد.- تبخر الأمل من وجهه حين تذكر حاله قبل ذلك اليوم المشئوم، تذكر كيف كانت هيلينا نابضة بالحياة يوما، وكيف كانت تدفعه دفعا للخروج واستنشاق هواء الجبال، كيف كانت تحب الأشجار والطيور والمطر.. تذكر كيف كانت تجبره على المشي عشرات الأميال فقط ليروا الأفق من وراء تلك الغابة أو فوق تلك التلة... تذكر كيف كان يظن أن كل ذلك مجهود ضائع بلا هدف... تذكر كل هذا وعادت عيناه لتدمعا من جديد بعد أن جفتا لفترة. هز رأسه بعنف، دفع الذكريات من رأسه، حدث نفسه بصوت عالي مدعيا أن كل شيء سيكون على ما يرام... ستشفى هيلينا وتعود لتعذبه برحلاتها الخلوية المرهقة… نظر في جهاز الملاحة الإلكتروني وهو يحاول التأكد من إدخاله اسم وجهته صحيحا، "تلة هامشير"... ظل يكرر الاسم لعله يدفع أفكاره السوداء بعيدا... كان يعرف أن تقديرات الأطباء عادة ما تكون صحيحة، لكن جزئا منه لم يصدقهم أبدا، جزئا منه ظل متمسكا بالأمل، لمرة واحدة في حياته يريد أن يتبع الأمل بلا دليل، بلا علم، بلا منطق… لمرة واحدة فقط يريد أن يؤمن بأن شيئا ما سيحدث لا لسبب منطقي، ولكن لأنه يريده أن يحدث…  "تلة هامشير"... استمر في ترديد الاسم وعيناه لا تفارق الطريق.

اهتزت الشاحنة بقوة، عرفت أنهما تركا الطريق الممهد ودخلا في طريق وعر. ازداد شعورها بالغثيان، لم تفهم لما يفعل هذا بها وهي في تلك الحالة... كانت مشاعرها خدرة بسبب العلاج الكيميائي، لم تستطع استجلاب مشاعر الغضب أو حتى الفضول... لم تشعر بعدم الارتياح، فهي قد نسيت الارتياح منذ سنين، كانت في حالة دائما من اللاشعور... وجود تنتظر انتهائه لكيلا تشعر بشيء… توقفت الشاحنة، ارتجل كاليوب وجر السرير الحديدي إلى خارج الشاحنة. شعرت بالنسيم الخفيف أولا، ثم لسعة البرودة الخفيفة ثانيا … مرت لحظات حتى استعادت توازنها واستطاعت أن تنظر للسماء فوقها... كانت السماء حالكة السواد صافية لا قمر لها. في زمن آخر كان هناك هيلينا أخرى تقضي شهورا بحثا عن فرصة لترى النجوم في ظروف مثل هذه، لكنها ذهبت وذهب زمانها... هي الآن تريد أن تعود إلى سقف المشفى المظلم، حيث التحديق في العدم... ظل يدفع سريرها فوق أرض صخرية قاسية، دقائق واعتادت عيناها على الظلام، حتى رأت النجوم لأول مرة منذ أربعة سنين…
بدا أن شيء مختلفا يحدث بداخلها… مر بها فجأة مزيج من المشاعر، الحنين والحماس والشوق لمكان لا تعرف أين هو، لكن الشعور الغالب كان حزن دفين لا تعرف له سببا... لكنها لم تعبئ، استمتعت بذلك الحزن …كانت نسيت أنها يمكن أن تشعر بشيء ما، حتى لو كان حزنا … ازداد وضوح النجوم فوقها، قلت كثافة الأشجار وبدى واضحا أنهما يصعدان تلة ما، ومع وضوح النجوم أكثر فأكثر كانت تشعر أن تفكيرها يصفى شيئا فشيئا... وصلا إلى قمة التلة، أوقف كايلوب السرير، وضع مخدة عالية تحت رأسها لتتمكن من الرؤية أمامها... كانت تعرف ذلك الأفق جيدا... الثلاث جبال المحيطة للبحيرة الكبيرة، السماء الممتدة فوقهما، الأشجار الطويلة تحت ضوء النجوم، إنها تلة هامشير !
بدا أن مزاجها قد خطا مقدار مجهري في اتجاه أحسن … لم يتحسن شعورها بالغثيان أو عدم الرغبة في الوجود، بحثت عن كايلوب حولها، رأته قادما بغطاء ثقيل من مكان ما، قام بتغطيتها به، ثم تدثر بجانبها على الفراش، وبدون كلمة واحدة ضمها إليه.

شعر بحرارة جسدها المريض على صدره، بدا أنه يحاول نسيان مرضها، نظر إليها ورأى ابتسامة واسعة على شفتيها... كان هدفه من تلك الليلة بأكملها هو تلك البسمة، الآن وقد حصل عليها كان من المفترض أن يشعر بالنشوة… لكنه بكى بدلا من ذلك.  بكى بحرقة شديدة... لم يعرف علاما يبكي، لكنه استمر في البكاء، وضمها إليه أكثر. سالت الدموع الساخنة على وجهها، نظرت إليه، مدت يديها لتمسح دمعه في وهن. "لماذا أنت قلق يا صغيري؟ الم نتفق أن كل شيء سيكون على ما يرام؟”. "أنا لست قلقا..." قالها وهو يمسك يدها بكلتا يديه، افتعل  ابتسامة وقال "أنا سعيد فقط”. ابتسمت ابتسامة رضا، وأغلقت عينيها وسكن جسدها… أما هو فظل يكرر “أنا سعيد جدا” ويبكي في صمت.

بقلم/عبدالرحمن بليغ.

Wednesday, 28 August 2013

حصيلة المغامرات الرمضانية

أنا مهندس مصري مسلم، أسكن في منطقة سياتل الكبرى في الولايات المتحدة الامريكية. منطقتنا بها العديد من المساجد مختلفة التوجهات والأجناس، لكني للأسف لم أزر منهم إلا 4 مساجد... لذا قررت ان يكون رمضان 2013 الوقت المناسب لزيارة مساجد المنطقة ال36 والصلاة فيها والتعرف على أهلها وعلى اختلافاها.. بما في ذلك الثلاث مساجد الشيعية التي كنت انتوي زيارتهم للتعرف على المسلمين فيها والتعرف على ثقافتهم، لا سيما في الشهر الكريم… لكن للاسف لم يسع الوقت لكي ازورها كلها، إما لإلتزمات رمضانية أخرى، أو لأن بعضها قد أغلق أو تم نقله، أو لأني عدت إلى مصر في آخر 6 أيام في شهر رمضان… لكن المهم ان المسجد ال16 التي زرتها فعلا امتعتني باختلافها وتلونها، وتعرفت على اصدقاء جدد من تلك المساجد، وسيسعدني استكمال هذا المسعى في رمضان المقبل. وحتى ذلك الحين، هذا هو تجميع بوستات من تلك الزيرات، وقد أضفت ملخص ما لم يتيسر ذكره من المساجد في نهاية المقال…

في إطار رحلتي المضنية لاستكشاف جوامع المنطقة، صليت النهاردة في جامع بوسني في شورلاين (آخر بلاد المسلمين شمال سياتل)... المسجد ظريف والناس ظريفة وكلهم بيتكلموا بالبوسني، والإمام بيقول ساووا الصفوف بالبوسني وكل شيء جميل، لاحظت انهم بيصلوا السنة مع بعض على تكبيرة واحدة زي معظم جوامع أوروبا، بس الزيادة كانت إن بعد السنة فيه شخص واحد معين (الشخص ده اتضح إنه مهم ،هيبان دوره قدام) بيصلي على النبي بصوت عالي... بيصلوا العشاء عادي بس بعديها بيقروا سورة الصمد تلات مرات بصوت علي سوا (اشمعنى ؟) بعدين الشخص المهم بيقول اللهم انت السلام ومنك السلام، بعد كده بيصلوا التراويح 4 ركعات متصلات جهريات بآية واحدة قصيرة فقط في كل ركعة، بعد كده بيسلموا ويكبروا تكبيرات العيد، بعدين البرنس المهم ده بيصلي على النبي تاني بعدين يكرروا الموضوع ده 5 مرات (المجموع 20 ركعة)، الحاجة اللي حيرتني بقى موضوع الاية الواحدة ده.. أنا لقيتهم في الأول بيقروا من تاني صفحة في صورة البقرة في يوم 3 رمضان فقلت اكيد بياخدوا كل يوم كام آية، بس بعدين لقيته بينط على ايات من وسط السورة، وداخل على أخرها خلاص، قلت يمكن بيختار الايات القصيرة بس، وفي خضم محاولات فهمي لنمط اختياره للايات لقيته دخل على سورة النجم، بعدين رجع للبقرة تاني، بعدين دخل في الصف، فيأست بقى واقتنعت انه بيختار ايات قصيرة عشوائية تماما وحتى مبتورة المعنى لأن محدش بيفهم عربي اصلا... المهم بعد العشرين ركعة بيصلوا الشفع والوتر بآيات واحدة عشوائية برضه، بيدعوا في سرهم قبل الركوع في اخر ركعة، بعدين يسلموا والبرنس المهم بيبتدي يقول اذكار عشوائية يتخللها فترات صمت عشوائية برضه (هي غالبا محفوظة مش عشوائية، بس أنا معرفتش الاقي أي نمط في اختيارها)، بعدين الإمام بيرمي سبح للناس يختموا الصلاة، وبعد مايخلصوا بيرمهالوا تاني، بعدين يدي درس قصير بالبوسني (أنا مابافهمش بوسني، بس شبه متأكد إن الدرس كان عن الأكثار من العمل الصالح في رمضان ويعقبه دعوة للتبرع للمسجد).. بعيدا عن الصلاة بقى المسجد نفسه جميل معماريا (بإستثناء جريمة معمارية حد ارتكبها لما عمل scaling بالعرض للكلام العربي، غالبا محدش اهتم عشان محدش بيفهم عربي)، مفيش مصلى سيدات، الرجالة والستات بيصلوا مع بعض في حتة واحدة بس صفوف منفصلة، الشباب الصغيرين نسبتهم أعلى من المساجد التانية، والشيخ شكله طيب كده وصوته حلو وتلاوته صحيحة بالرغم من إن العربي بتاعه باين انه مش متمكن من النطق...
بس فيه النهاية أنا عجبني المسجد وناسه، وانشكحت من التجربة.. بكرة إن شاء الله اجرب مسجد جديد :) #مغامرات_رمضانية  

ومسجد سماميش يا ولدي (منطقة غنية شرق سياتل) هو اصلا فيلا واسعة ملحق بيها تراس كبير وأرض خاصة، ومدخل كبير تصطف فيه السيارات، لأن الجراج الواسع الملحق بالمنزل لم يكن مصمم لان يكون المنزل مسجدا... المهم ان بصرف النظر عن السجاد المريح جدا، والحائط الزجاجي للمصلى المطل على الحديقة الخلفية، والمطبخ العملاق الذي لم يعلم القائمين على المسجد كيفية الاستفادة منه، إلا أنه شد ما أعجبني في المسجد هو ذلك الميكروفون فائق الحساسية، ونظام الصوت المتقدم، والذي يزيد من عذوبه صوت الأمامين -اللبناني والسوداني- شديدي العذوبة اصلا ويجعل قراءتهما كأنها همس رقيق في الأذن...
#مغامرات_رمضانية  #أنا _مش _باحسد


وأما مسجد التقوى فعلى النقيض تماما، فهو يقع في أحد الاحياء الفقيرة في وسط مدينة سياتل، ومعظم رواده من المهاجرين الصومالين (سياتل فتحت بابها للاجئين الصومالين وقت الحرب الصومالية) وبالرغم من حجم المسجد الضيق جدا، إلا انه ممتلئ جدا، ورواده ودودون كثيرو الإبتسام بابتسامات ناصعة البياض، وشيخهم تقليدي في خطابه، إلا انه يحب المزاح كثيرا في درسه القصير وسط صلاة التراويح... ولأن معظم رواده يحفظون القرآن، فالإمام لما بيغلط المسجد كله بيصلحله...
#مغامرات_رمضانية


واما عن دار الأرقم ابن ابي الأرقم، فبالاضافة لوقوعه في اقصى الشمال في لينوود، فليس لديهم موقع على الإنترنت ولا رقم تليفون، ويمكنك فقط قطع المسافة الكبيرة ليقابلك احد المصلين باسما في مسجدهم الكبير ليشرح لك لماذا توقفوا عن اقامة صلاة التراويح بعد ان اشتكى جيران المسجد من الضجة التي كانت تسببها حشود المسلمين حول المسجد. فلا تدري اتحزن لأنهم منعوا من صلاة التراويح بسبب ضجتهم، ام تحزن لأنك قطعت كل تلك المسافة على فاشوش...
#قصة_صغيرة_حزينة #مغامرات_رمضانية


ووسط بيوت الشباب الجامعية في جامعة واشنطون الحافلة بإحتفالات نهاية الأسبوع الصاخبة والموسيقى المرتفعة والشباب الجامح، يوجد مبنى خشبي محاط بسور قصير، رواده اكثر، وأكبر سنا من المعتاد فيما حوله من البيوت.. البيت الإسلامي هو البيت الجامعي لتجمع الطلاب المسلمين بجامعة واشنطون، وهو بيت الأنشطة بالنسبة لهم، وبه مسجد مفتوح للجميع، وبين جدرانه قطعة كبيرة من حياتهم... المسجد تقام به الصلوات الخمس والتراويح يوميا في رمضان، وبه افطار في نصف أيام الأسبوع.. من البداية يمكنك ملاحظة روح المكان الشابة، والمرح النابض في الحضور -الشاب معظمه-.. حتى الطعام ينم عن السرعة وخفة حقائب حنين الطعام، عادة مايكون جيروز (شاورمة تركية ترتبط بالأكل السريع) وسلاطة وبطيخ.. يتجمع حولهم الحضور -بعد ان أخذت البنات نصيبها إلى مصلاهم- في حديث عشوائي حول أي شيء، ويكون هناك عادة عدة أحاديث متعددة في نفس الوقت -ولابد وان يكون أحدها عن الرياضة واخر عن السياسة- ثم يتحرك المفطرون من دائرة لأخرى ليتلاقطوا أطراف الأحاديث الاخرى... ينظف الجميع المسجد، وبعد اذان العشاء يؤمهم شاب سعودي طيب الصوت -وعرفت فيما بعد أنه مؤيد قوي لمرسي- ويصلون ثمان ركعات بأقل من جزء، ثم ينصرف الجميع إلى العالم الصاخب بالخارج... وكقاعدة عامة، الناس هناك جامدة التنين...
#مغامرات_رمضانية #و_مضى_العمر_يا_ولدي

ومسجد أبوبكر الصغير (لأن هناك مسجد أبوبكر آخر، وطبعا اكبر من أبوبكر الصغير) هو بيت صغير ملحق به خيمة، وأول مايقابلك لدى دخولك، هي لافتة كبيرة كتب عليها ممنوع الاسلحة في المسجد.. #نف_سيد #مغامرات_رمضانية


وآخر مسجد صليت فيه قبل سفري هو مسجد الكرم الاثيوبي في وسط سياتل... تتشابه صلاة الاثيوبين هناك مع صلاة البوسنين في خلفيتها الصوفية، والأذكار الجماعية بعد الصلاة، ولكنها تختلف في أن الاثيوبين بصفة عامة سيئوا الصوت في العربية إلى درجة مزعجة... كما أنهم يصلون ركعتي التراويح بسورتي الكوثر وقل هو الله أحد، بصوت مزعج ورتم سريع، ثم يكررون نفس الأذكار ونفس الركعتان بنفس السورتان عدد الله اعلم به من المرات..
وانا لا اعلم عددهم لأني لم اسمتر لأعرفه، فأربع ركعات كفتني قبل أن أركض هاربا من المسجد قاصدا مسجد شام الفيتنامي القريب متمنيا من الله ان اجد الإمام القاريء عذب الصوت صحيح التلاوة وليس الإمام الآخر الذي لا يجيد قراءة العربية -ولا الانجليزية- وينطق ستة عشر حرفا من اللغة العربية بطريقة خطأ، ولسبب ما يصر اهل المسجد ان يصلي الإمامان -كلاهما فيتنامي- كل ليلة سويا كأن الفرق بينهما هو فرق أذواق ! #مغامرات_رمضانية


وفي خاتمة المغامرات الرمضانية، ذهبت إلى مكان يصلون فيه التراويح على دق الطبول، ويحوقلون ثلاثا بعد كل ركعتين، ويخطب فيهم شيخ ويقول أشياء فيكررونها وراءه معا بصوت عال، ثم يكررون كل ذلك أربع مرات، ويمتلئ مسجدهم بصور شخص مبتسم ذو عوينات سميكة... عن اعتصام النهضة اتحدث... #مغامرات_رمضانية
و عن التحرير فعدد المصلين اقل، وصفوفهم انحف، وسورهم أقصر، لكن عدد ركعاتهم متغير ديموقراطيا.. فيسأل الإمام المصلين خلفه إذا كانوا قد اكتفوا ام يريديون صلاة المزيد، وعليه فإنه يصلي أو لا يصلي...


وعلى هامش المغامرات الرمضانية والتجوال في مساجد المنطقة، حجرة المصلى الصغيرة التي نصلي فيها بمبنى عملي في مايكروسوفت (مبنى 36) هي حجرة صغيرة بها مصليات عدة وبعض المصاحف وبعض زجاجات العطور النصف ممتلئة، لكنها مغلقة دائما ومسدلة ستائرها.. فكرت مؤخرا في فتح الستائر أثناء الصلاة كجزء من مجهود اقوم به لمحاولة تأليف المجتمع الامريكي بالمسلمين وشعائرهم، فأنا أرى ان الاعتياد على رؤية المسلمين يصلون في كل مكان يقلل من فرص المضايقة، ويثقف الشعب الامريكي، ويسهل دمج المجتمع الأمريكي المسلم في المجتمع الأكبر.. لكن يبدو ان اصدقائي في العمل لم يرق الأمر لهم، وقاد صديقي الفلسطيني الذي يكبرني بعشرين عاما حملة شعواء ضد فكرتي قائلا بإنه إذا فتحتم الباب لعبدالرحمن الآن بفتح الستائر، فقريبا سيفتح باب الحجرة على مصراعيه وبعدها سيسجل الصلاة فيديو، وقد يفكر في استجلاب جمهور حقيقي ليشاهد الصلاة مع الفشار... طبعا كشخصين عربيين ناضجين اخترنا الأسلوب العربي الناضج لحل الصراع... اللي بيجي الأول هو اللي بيعمل اللي هو عايزه...
#مغامرات_رمضانية


المساجد التي لم يتيسر ذكرها:
- مسجد ادريس: مسجد كبير وضخم ، مشهور نسبيا ، ومن اجمل المساجد معماريا في المنطقة، به شيخ مصري من الأرياف خيف الظل مبتسم دائما، يحب اقامة مسابقات بعد التراويح ببعض الاسئلة عن السيرة النوية، وعادة يسأل فلا يجيبه أحد، فيظل يسخر من الحضور ومن ضعف علمهم بالنبي حتى يجيبه احدهم ليربح كارت من أمازون بعشرة دولارات...

- مسجد أبوبكر الكبير: هو اكبر من أبو بكر الصغير ، به امام افريقي عذب الصوت، لكن عظته كانت بلغة غريبة عن اذني قريبة من العربية .. قد تكون أحد اللكنات الصومالية.

- مسجد مابس: هو مسجدي القريب ، وهو من انشط مسجد المنطقة، به مزيج من العرب والاسيويين والامريكيين، لكنهم جميعا يغلب عليهم تيسر الحال، لذا نفقات المسجد عادة تكون عملاقة بقدر التبرعات التي يحصل عليها، ومن المذهل مقارنة مسجدي هذا والتبرعات التي يجمعها بأحد المساجد الفقيرة مثل مسجد التقوى (أيوه أنا باصلي في مسجد الطبقة البرجوازية الأنانية، حد ليه شوق في حاجة ؟)

- مسجدي ايكور وبلفيو: وهما متبعدان نسبيا، لكنهما متقاربان جدا في الديموغرافية والايديولوجية.. وهي ديموغرافية غنية متنوعة مثل مابس، لكن يغلب عليهم الطابع السلفي الكلاسيكي، وكلا المسجدان لا يعترف برؤية اتحاد مسلمي شمال امريكا ويقوم بتطلع الرؤية بنفسهما شأنهما شأن أي مسجد سلفي يحترم نفسه.

- مسجد بوثل: نظرا لبعده، فإن أهل بوثل متضرين للصلاة فيه بغض النظر عن الايدلوجية، فنتج عن ذلك مسجد سلفي محافظ يحاول ألا يكون سلفيا جدا مراعاة لجيرانه.

- مسجد اتحاد مسلمي شمال غرب: هو مسجد باكستاني، والمثير للاهتمام فيه هو ان وقت الأذان لا يؤذن المؤذن، ولكنه يجلس لتفسير  القرآن –بالباكستاني- لثلث ساعة ثم يامر المؤذن ليأذن بعدها.. ولله فقط يعلم لماذا..

- مسجد ايفرت: لم أجد المسجد، فإما اغلق أو تم نقله.. وكان يجب ان اشك في الأمر حين يكون عنوان المسجد 1226طريق الكازينو...

صورة لقمر يوم 15 رمضان من بيتي في كيركلاند

Monday, 8 April 2013

بوصلة العقيدة: وعود الثواب وربنا اللي نعرفه



"ليه تبقى ذوق لما الخناق هيكون عليه ثواب اكبر ؟"
وانا صغير كان بابا دايما بيشجعني على الصلاة في الصف الاول، وانا كنت بحب أصلي في الصف الاول لدرجة إني كنت بحشر نفسي على طرف الصف حتى لو مش هاعرف اسجد كويس. بس ساعات لما بكون واخد مكان كويس في الصف الاول، والاقي واحد جارنا دايما بيصلي في الصف الاول وجه متأخر في مرة، أو واحد عجوز بيحب يصلي في الصف الاول كنت بسيبله مكاني وأعزم عليه واقول هو أكيد أولى.. لما سألت بابا عن إذا كان الإيثار في الصالحات عليه ثواب كبير ولا لأ، قالي مش المفروض تعمل كده لأن الصف الاول ثوابه اكبر، والعبادات مفيهاش إيثار.. بالرغم من أنا كنت صغير إلا إني ماقتنعتش، وقلت حتى لو ثواب الصف الاول اكبر، أنا افضل ابقى اخلاقي كويسة واسعد الناس عن إني أصلي في الصف الاول...
القصة ديه دلوقتي بفتكرها دايما يوم الجمعة لما أكون قاعد في الصف الاول، ويجي راجل متأخر ويحشر نفسه مكاني منغير مايعتذر ولا حتى يبصلي عشان ياخد ثواب الصف الاول.. ودايما بيكون نفس الراجل... باقول دايما الراجل ده اكيد بيفكر بنفس المنطق... ليه تبقى ذوق لما الخناق هيكون عليه ثواب اكبر ؟
مشكلتي هنا مش في انه خد مكاني، لأني كان ممكن اسيبله مكاني عادي ومش هازعل. مشكلتي الحقيقية في الطريقة اللي بيفكر بيها: إن الاعتماد على النص والدليل عنده همش تماما الاعتماد على صحة السريرة.. حاجة زي ديه المفروض منغير أي دليل تعتمد على سريرتك الصحيحة وتشوف فورا إنك لما تاخد حق الناس، أو حتى تضايقهم عشان تاخد ثواب فيها مشكلة كبيرة. إن اكيد ربنا مش هيقولنا زقوا بعض عشان الأشطر هو اللي ياخد الثواب...
طبعا غني عن الذكر إن الاتنين سلفيين; بابا والراجل اللي بياخد مكاني... 
.
.
.

"ليه يكون عندنا أولويات ونفكر في فقه الموقف لما يكون فيه حديث بيتكلم عن حرمة الميت"
الموضوع ده تجلى بشدة تاني وانا باطلع رخصة القيادة الأمريكية... ببساطة أنت ممكن تحط قلب احمر صغير في رخصة القيادة بتاعتك عشان لا قدر الله لو مت، ممكن المستشفى اللي مت فيها يستخدموا اعضائك لو حد تاني محتاجها. وأنا طول عمري معجب بالمنطق ده وشايف إن محدش محتاج أعضائه لو مات، ليه ماينقذش حياة ناس تانية خصوصا انه مش خسران حاجة... فكان من الطبيعي أول ماجيت اطلع الرخصة الأمريكية قلت للموظفة إني مهتم بالموضوع ده، وعايز أبقى متبرع.. في وسط الدردشة عرفت إني مسلم وقالتلي إيه ده إزاي أنت مسلم وهتتبرع باعضائك ؟ أنا واحدة صاحبتي مسلمة وبتقول التبرع بالأعضاء حرام على المسلمين.. أنا طبعا استغربت جدا، قلت إزاي حد بيقول انه حرام ؟ ده احنا عندنا في الاسلام من احيا نفسا فكأنما احيا الناس جميعا، وقلت للست حسب معرفتي مفيش حاجة كده وجايز صاحبتك ديه مش فاهمة كويس أو هي فئة مختلفة من المسلمين (شيعة مثلا).. لما رجعت البيت دورت في الموضوع لقيت إن فيه فعلا فقهاء كتير قوي بيحرموا التبرع بالأعضاء بعد الموت عشان حرمة الجسد.. وضايقني جدا إزاي الرأي ده منتشر في العالم الاسلامي.. برضه بالاعتماد على فهمي لعدل ربنا واولوياته مكنتش محتاج دليل اصلا عشان اثبت إن الكلام ده غلط.. يكفي إن حرمة الدم عند الله اكبر من حرمة الكعبة، يعني لو هنقطع من الكعبة عشان ننقذ إنسان يبقى لازم ده يحصل… طبعا جزء كبير من سبب انتشار الرأي ده بيرجع لأن ثقافة التبرع مش موجودة عندنا، ثقافة الحفاظ على الحياة اصلا مش موجودة عندنا، بس مع ذلك السبب الاكبر ورا انتشار الرأي ده هو تغليب النص على الفهم والسريرة … ليه يكون عندنا أولويات ونفكر في فقه الموقف لما يكون فيه حديث بيتكلم عن حرمة الميت..
برده غني عن الذكر إني لما سألت بابا قالي التبرع بالأعضاء حرام....
.
.
.
"بوصلة السريرة"
نقاش زي نقاش هل التبرع بالاعضاء حلال ولا لأ أنا اقتناعي بيه شبه عقائدي، يعني لو جبتلي ألف دليل على حرمته هافضل مقتنع انه حلال بل ومحبب و قد يكون فرض كفاية على المجتمع كمان… طبعا احنا مش عايزين نلغي النصوص ونمشي ورا هوانا، النصوص ربنا ادهالنا لسبب، عشان تهدينا وتورينا الصح فين حتى لو عقلنا شايف غير كده...لكن فيه ثوابت لازم تكون موجودة ومترسخة في عقيدتك تمنعك إنك تمشي ورا أي حاجة بتخالف الثوابت ديه... 
مشكلة بعض الناس انهم بينسوا الهدف من الدين، الأولويات اللي الشرع اتوجد عشانها. بينسوا دايما إن النص خاضع للتأويل، وإن فقه الموقف ممكن يعطل العمل بالأحكام، وإن فيه ثوابت في الدين مفيش أي نص يقدر يغيرها، زي إن الله هو العدل العادل دائما .. بعض الناس ديه بيكون راغب في الجنة بشدة لدرجة انه بيفقد سريرته وبوصلته في الحياة ويمشي ورا أي نص بيوعد بثواب .. الناس اللي أنا دايما بهزر معاهم واقول عليهم بيستحموا بس عشان النضافة من الايمان، ولولا وجود الحديث ده ماكنوش استحموا …طبعا الله اعلم بالحساب ، بس أنا نفسي إن احنا من آن لآخر كده ننسى الحاجات اللي شيخ الجامع بيقول إنها بترضي ربنا، ونفكر فعلا إزاي نرضي ربنا اللي احنا عرفناه وبنحبه من عقيدتنا..


Monday, 6 February 2012

زجل - ليه ؟









...مات الشهيد
شهيد البلد
حياة كاملة
من يوم مااتولد
صارت حطام
ذكرى فارغة
زي الزبد
مات الشهيد
طب مات ليه ؟
موته غير إيه ؟
دمعة صادقة نزلت على خد اصحابه ؟
صرخة عالية طلعت في وش جلاده ؟
نعي طوييييل..
في جورنان..
في برنامج...
جوه الشقة على بابه ؟
صرخة ألم ؟
عبرة لزمن ؟
زيادة في تمن...
غرامة اللي نفذ أمر وأصابه ؟
كتر عبادة ؟
شجب وبلادة ؟
ملف زيادة...
في قضية خاين اطلق عليه كلابه ؟
طب ليه الشعر دايما اسئلة ؟
متفصلة...
وجوابها ليه مش عندنا ؟
وفيه بداله اجوبة
متنطورة
ألواح إزاز متكسرة
لو حاولت تحطها
مع بعضها
مش راح تنفعك
وهتجرحك
هتزيد في حيرتك اسئلة
هتدوس في جراحك كلها
لانها
قضاء وقدر !
طب ليه القدر
اصبح قدر
ربك قضى
أمره نفذ
طب والقضى
جه بالقضا
عشان ربنا
عايز القضا
ولا القدر
له علاقة بوضعنا
بتصرفتنا كلنا
بكلامنا وبطبعنا
بهمنا وبحزننا
بكل واحد مننا
كلمة منه صغيرة..
موقف مجاش في مخنا
بسبه مات
واحد شهيد
مات الولد..
فلذة كبد
اب مريض
وام الولد
طول عمرها
في تربيته شقيانة
لا يهمها
سلطة...
ولا ناس للدم خوانة
ناس كتير
ملهاش عدد
سرقوا البلد
وسابوها في حجر بترتعش
و كروشهم في البرد دفيانة
وتسأل ليه ؟
يهمها إيه ؟
وهي بـ ضناها شبعانة...
لا دهب ولا صوف
ولا حق ألوف
ولا ميت حلوف...
هتعدمه
...ينسيها فراقها لضناها
واحنا في عيد
نهتف ونزيد
ثوار وعبيد
إن قضيتنا كسبانة..
نحن نريد
حق الشهيد
وحكم جديد
ووحدة إيد...
وهنمسح ذل ومهناة
ماهو أهل الدار,
لو صار قرار...
الدار بايدهم
هتبقى الست فرحانة
يا بختها...
يا هناة وفرحة قلبها
وهي ابنها
ماعادش واقف جنبها
كأنه حتة منها
وقعت بامر ربها
اتقطعت...
من لحمها
ودمها..
يا بختها...
والناس حوليها كلها
الازرق مزين صوابعها
ومذيعة كانت قبلها
تسمع كلام اللي يقولها
وتلحس بيادته
وكعبها
خلاص معدش يهمها
بتشجب وتقول رأيها
يا بختها...
أصل ابنها..
لو لسة واقف جنبها
والمذيعة نفسها
لسة مع كلام اللي يقولها
وتلحس بيادته كلها
كان ابنها
شتملها
المذيعة وأهلها
وزعل شوية منها
عشان كده
يا بختها
إن ابنها
معدش واقف جنبها !!


زجل/عبدالرحمن مجدي
2/2/2012

من وحي مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها مايقرب من 70 شابا في مستهل العمر, انتهت حياتهم التي بدأت لتوها بدون سبب واضح... ولم يبقى إلا علامات استفهام كبيرة تحيط بموتهم, فمارس الكل عادته من شجب وتحليل ودفاع وتبرئة... وبقي الموت في المنتصف يرمق الجهتين في استغراب... هل اصبح شيئا عاديا لهذه الدرجة ؟ قطعة اثاث قديمة اعتدنا تواجدها فـتجاهلنا وجودها تماما وصارت اداة نستخدمها يوميا في سعينا نحو اهدفنا.. فليرحم الله من ماتوا, وليرحم ارواحنا قبل أن نقبض, لنرى حقيقة الموت الذي اعتدناه

بقلم/ عبدالرحمن مجدي 
صورة/ احمد هيمان

Wednesday, 25 January 2012

My first Vlog

قررت اجرب أعمل فيديو بلوج (vlog) عشان اشرح فيه من وجهة نظري إيه المطالب اللي احنا كثوار عندنا وعي نأمل إنها تتحقق... التجربة جديدة بالنسبالي فـياريت تقوللي استمر ولا أرجع للكتابة :)


Monday, 12 December 2011

لماذا الوسط ؟


نخوض الآن أول تجربة ديمقراطية حقيقية في تاريخنا، ويقع على عاتقنا عبء اختيار حاكم مصر بعد أن نشأنا منذ نعومة أظافرنا على أن يختير لنا... فبدلا من أن يدعي متسلطا ما أنه يعلم الأصلح، صرنا نحن - شعبا وثورة - مطالبين بأن نعلم الأصلح، ونختاره ونتحمل مسئولية اختيارنا، ولذلك كان من الواجب أن نتريث في اختياراتنا ولا نندفع وراء مشاعرنا، ونقيم كل الجوانب ونحسب تبعات الاختيار بأبعاده المختلفة لكي لا نختار عصام شرف آخر...   
ولكي نتعلم من أخطاء الماضي، صار من المنطقي ألا نختار الأصلح أو الأفضل أو الأشرف فحسب، فالاختيار الذكي هنا هو اختيار الأنسب لكل منصب مع الأخذ في الاعتبار وقت الاختيار الحرج، سواء كان في ذروة الثورة أم في وقت استقرار ورخاء، وطبيعة الشعب المحكوم، وهل سيتقبل سياسات من اخترناه - مهما كانت مثالية - أم سيرفضها وتتعرقل مسيرة الاصلاح، وأيضا طبيعة القوى السياسة الموجودة على الساحة والخريطة المتوقعة لقوتها وتمثيلها في البرلمان، مع توافر المعايير الأخرى كالنزاهة والخبرة بالطبع.
ولهذا امضيت الأشهر الماضية في البحث عن الحزب المناسب للفترة الحالية، والذي أراه باجتهادي المتواضع الأصلح والأنسب لمصلحة الوطن، وقد وجدت ضالتي في حزب الوسط... وفيما يلي الأسباب التي دفعتني إلى هذا الاختيار، وثقتي فيه، بل وتزكيته لأصدقائي ومعارفي.

اولا: تاريخ الوسط

عادة ما تبدأ الاحزاب بالتحدث عن تاريخها، فكل حزب له تاريخا مشرفا ما، وهو ليس بالضرورة ذو اي دلالة على حاضره، فهناك احزابا عريقة لها تاريخ طويل في الكفاح الوطني صارت غير فاعلة اليوم نتيجة موت حلم المؤسس أو تغيره،ومنها من صار مرتعا للفلول ورجال الاعمال الطامعين في القوة، ولكن حين يكون من أسس الحزب هو من يزعمه حاليا، فان تاريخه يعطيك نبذه عن امكانيات الحزب وما وما يمكن ان يحدثه من تغير.
ومع ذلك فانا لا اتحدث عن تاريخ الوسط، اذ إن معظمنا يعرف قصة انفصالهم عن الاخوان ونضالهم لتأسيس حزب من عام 1996، ولكني ساتحدث قليلا عن احداث قد تكون غائبة لدى البعض، كسبب انفصالهم عن جماعة الاخوان المسلمين، فعكس ما يظنه البعض، وعكس ما بررت به قيادات الاخوان وقتها، لم يكن سبب الانفصال رفض جماعة الاخوان تأسيس حزب سياسي في ظل العهد البائد فحسب، ولكن كان من اهم أسباب الانفصال كما اوضحها عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط كان الفكر الإقصائي الشمولي كما وصفه أ/عصام في احدى اللقاءات (رابط الفيدو في آخر المقال)، كما اوضح في نفس اللقاء ان اختلاف مؤسسي الحزب مع ادارة الاخوان والطريقة التي تدار بها الجماعة يعود إلى قبل الانفصال بـ10 أعوام، وأن ذلك كان اخر خيار بنسبة لهم، لكنهم لم يجدوا بد منه بعد ان كان فرض الرأي وعدم وجود نقاش سياسي داخل الجماعة قد بلغ مبلغه، وقد ايدهم في ذلك سياسيين كثر من الاخوان وخارجهم، مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة حاليا وجورج اسحق مؤسس حركة كفاية وغيرهم، فالاخوان كجماعة لم يكونوا مستعدين للتوغل في السياسة، وكان جل همهم العمل الميداني والنزول إلى الشارع، بينما كان مؤسسي الحزب من المفكرين والسياسيين المخضرمين وأرادوا احداث تغيير حقيقي عن طريق العمل السياسي الديمقراطي.

ومن الجدير بالذكر ان الوسط لم يتوقف بعدما رفضت الهيئة العليا للأحزاب طلب إنشاء الحزب، فقد ظل مؤسسوه يتقدموا بالطلب وراء الطالب، ويخوضوا حربا في المحاكم، وفي نفس الوقت كان لابد من اثراء الجانب الميداني ايضا لأنه الحزب المقتصر على السياسة هو حزب على ورق فقط، فدخلوا حقل العمل الميداني حتى يتركوا الاثر المطلوب في الشارع خلال العشر سنوات السابقة للثورة (شاهد الوثائقي عن حزب الوسط قبل الثورة)

ثانيا: المواقف
كما ذكرنا لم يقتصر الوسط على العمل السياسي فقط، فلم ياخذ الموقف السلبي الذي اخذته معظم احزاب ما بعد الثورة في ان يأسوا من العمل السياسي، أو يأسوا من العمل الميداني، أو كلاهما معا كسائر الاحزاب التي لم يكن لها وجود وتحججت ببطش نظام مبارك، كما كان الوسط ولا يزال متقبلا للاخر يتعاون لمصلحة الوطن، فكان من أبرز المشاركين في الجمعية الوطنية للتغير، وشارك مؤسسيه في الثورة منذ أول يوم وحتى تنحي مبارك.
وجاءت مواقف الوسط بعد الثورة لتعكس تمرسه السياسي وتوجهه الثوري، فقد كان دائم الرفض لعروض الحكومة القاصرة ومطالبا دائما بما هو افضل، مما يوضح اهمية الموقف الثوري لدى احزاب المعارضة، فالتوجه الاصلاحي نادرا ما يؤتي ثماره في اوقات الثورة، أو حتى كمعارضة في وجود حكومة اصلاحية ايضا... والتوجه الاصلاحي هنا يمثله موقف الاخوان وبعض الأحزاب الأخرى القابل بمعظم المهادنات والغير ممانع للتفريط في المطالب الأساسية، بينما كانت الكتل السياسية الأبرز والأكثر اصرارا على المطالب في مواجهة العسكري هي 6 ابريل وائتلاف شباب الثورة وحزب الوسط.

ثالثا: الفكر

كانت من اهم التغييرات التي بدأ بها حزب الوسط لدى نشأته في العقد الماضي هي ترجمة الشعارات البراقة لبرامج حقيقية تعكس رؤية سياسية واضحة ومتفقة مع الشعارات التي يرفعها الحزب، مما يدل على نضج التوجه السياسي فالبرامج ذات طابع سياسي لا هي مبنية على العمل الميداني فقط، ولا هي تفتقر إلى توجه فكري يكون بمثابة العمود الفقري للبرنامج مثل معظم احزاب مابعد الثورة التي ليس لها توجه واضح وتحاول ان ترضي جميع الاطراف مما سيؤدي قطعا إلى عدم رضا جميع الأطراف.
ومن اهم مميزات حزب الوسط كفكر، الطريقة التي يدار بها الحزب، فالقرار يأخذ في الحزب بمنتهى الديمقراطية كما يسمح لكل الاعضاء بالمشاركة حتى الاعضاء الجدد، و بالطبع ليس هناك قرارات تأخذ من وراء ستار فلا يعرف لها سبب مثل قرارات النزول وعدم النزول، فالشفافية في التعامل هي أساس في أي حزب ناجح.
واخيرا فان المرجعية الاسلامية تعتبر من اهم النقاط التي تشكل فكر الوسط، فهي التي تجعل الحزب يلتزم بالشريعة فلا يقبل بأن يقر قانون أو يسكت على قانون قائم يخالف المبادئ أو الأحكام التي وردت فيها نصوص قطعية الدلالة ولكنه يوجد آلية قابلة للتنفيذ برؤية سياسية خبيرة وهو فى نفس الوقت يفصل فصلا كاملا بين دور الدعوة ودور الدولة، وتلك المرجعية ايضا هي التي تجعل من القضايا العربية والاسلامية كالقضية الفلسطينية على اجندة الحزب لدى دخوله البرلمان.

اخيرا: ملخص الاسباب والتحليل
1- برلمان ما بعد الثورة لا شك ستكون الاكثرية فيه للاخوان، وهم ذوي فكر اصلاحي يصلح لوضع خطة اصلاحية طويلة المدى، وتطوير أجهزة الدولة شيئا فشيئا حتى تتغير، وقد يكون هذا ما يريده البعض في اوقات الاستقرار، لكننا قطعا لسنا في وقت الاستقرار، بل نحن في امس الحاجة إلى المواقف الثورية داخل البرلمان حتى يتسنى لنا استئصال الفلول وتطهير أجهزة الدولة في اسرع وقت، وهنا تأتي ادور الاحزاب الثورية مثل الوسط حتى لو كانت اقلية داخل البرلمان فستقوم من أداء الأغلبية.
2- لا يمكن تمرس الشيء بدون التفرغ له، فلم يجعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وحزب الوسط بعد انفصاله عن الجماعة اصبحت السياسية شغله الوحيد، فلا هو جماعة جل خبرتها في العمل الميداني والرقابي، ولا هو يستقي خبرته واسمه من مواقفه في الميدان وحدها، والتي لا تكفي كخلفية لوضع دستور قوي.
3-  المرجعية الاسلامية هي الضامن الوحيد على ان من تعطيه صوتك لن يخالف الشريعة في نص صريح، وهي تعكس مدى اهتمام الحزب بالحفاظ على هوية مصر كدولة عربية اسلامية حرة، وهو ما سينعكس في امور مثل التعليم والإعلام.
روابط:
وثائقي عن الوسط قبل الثورة : http://www.youtube.com/watch?v=CKxVB7Q7Tjw
http://www.youtube.com/watch?v=8jpD2lsH_n0&feature=related سبب انفصال الوسط عن الجماعة

Monday, 12 September 2011

الحكم البطيخية والطريق إلى الوبا



بعد احداث يوم الجمعة 9-9 حصل تغير كبير في وجهات نظر ناس كتير... وبدأت بعض الآراء البطيخية تأخذ وضعها في انفخة الشعب المصري الحكيم، ونظرا لأن احنا شعب فاهم من يومه، وفاقسين كل حاجة وكل حد، فكان من الطبيعي إن الحقيقة المبينة دية تتجلى على ألسنة الخلائق من حكماء الشارع المصري...
ودي بعض الحكم اللي تنزلت علينا بترتيب درجة غباءها مش بترتيب تنزلها:
"الاولتراس التزموا بضبط النفس ومالهمش دعوة"... لأ أنا اللي كسرت وزارة الداخلية، اقولكم أنا اللي كنت بشتم في ماتشات الاهلي، والاولتراس كانوا بيقوللي اتقي الله ويسدوا ودنهم عشان مايسمعوش الكلام البذيء بتاعي !! احنا هنضحك على بعض ؟ الاولتراس زيهم زي بقيت شعب مصر بيكرهوا الشرطة، بس الفرق انهم متعودين على لغة العنف... أنا كنت هناك الجمعة الصبح ومصورهم وهم نازلين شتيمة وخناق في أي ظابط أو عسكري عند الداخلية... ولولا إن فيه بعض الناس من بره الاولتراس (ناس لسة بعقلها يعني) مسكوهم كانوا كسروا الداخلية من الصبح... لأ وكل ده مش عشان حال البلد ولا الثورة ولا حتى الشهداء... لأ ده عشان اللي اتمسكوا شغب في ماتش اسوان !! في سنة 1802 الحاج توماس جفرسون كتب جواب لمعمدان الكنيسة قاله افكس لنفسك عشان خلط الكنيسة بالدولة ده مش نافع... الحاج توماس ده لو صحي من قبره نصاية كده وشاف الاولتراس اسم الله عليهم وهم بيخلطوا الكورة بالسياسة كان زمانه شق هدومه وجري ملط في الشارع... المعمدان نفسه كان زمانه شق هدومه وجري ملط !!

"العالم اللي اقتحمت السفارة ديه كانت وش متأجرة" إيه الفكاكة ديه ؟ وش كمان ؟ "اشتباه تدخل ايراني في احداث سفارة اسرائيل" أيوه اكيد طبعا.. ماهو مينفعش نقول اسرائيل، ولا استنى كده يمكن تنفع... الشعب المصري دايما في تحليلاته العميقة الفكيكة التنينة، دايما بيبص على حاجة واحدة بس... طالما وحش لينا يبقى حلو ليهم، وطالما حلو ليهم يبقى هما اللي عملينها... قرش شرم الشيخ بقى، انفلونزا الطيور، امتحان الثانوية العامة، طالما بتنطبق عليه القاعدة ديه يبقى هما، وهما ديه ساعات بتبقى مطلقة كده... هما اللي عملوها.. هما مين ؟ أنت وذوقك بقى... لو ناصري تبقى بند في معاهدة كامب ديفيد، لو قومي تبقى اسرائيل، لو ليبرالي تبقى السعودية... يعني ظبط نفسك بقى، كل واحد وشطارته... وكل ماتكون حاجة مستحيلة أكتر كل ماتكون اشطر، لأن محدش غيرك فاهمها... صدام عايش وهو اللي بيعمل كده ؟ وماله يا حبيبي... مايضرش... المهم إن العيال ديه هي نفسها بتاعت يوم 28 اللي منهم الشهداء اللي احنا طايرين بيهم السما... هم نفس العيال اللي ماشيين ورا غضبهم ومتغاظين من النظام، نفس العيال اللي ولعوا في البوكس الفاضي يوم 28 من باب الغيظ... هم اللي لما معرفوش يوصلوا لمدرية امن الجيزة واحد فكيك من اياهم قالهم طب ولا على ايه، ماالسعودية مش عملالنا احترام وسفارتهم زي الفل اهه... هم اللي كان لما يضرب عليهم غاز عند السفارة يرجعوا لورا عشان يشموا هوا، فيلاقوا اعلان موبينيل يقوموا مقطعينوا... أصل ده بتاعت سواريس الخاين... ناس عندها طاقة وعنف وغلب وبتدور على قضية تؤمن بيها وتضحي عشانها عشان يحسوا إن في حاجة في حياتهم ليها معنى أكبر من أكل العيش... واحنا اللي ادينالهم أول جرعة يوم ماطلعنا الثورة، ووفرنالهم قضية... بس لما سبناهم وحالهم فضل زي ماهوا، دوروا علينا مالقوناش، فكان لازم يخلقوا قضية... شافوا الهيصة اللي عملنها للي نزل العلم، وشافوا المجلس بيبني جدار بعد مارفع العلم من تاني، كأنه بيقولهم لا تاكلوا من هذه الشجرة... الغباء والتخبط اللي حصل عند الداخلية والسفارة كان غلطتنا، لاننا اخدنا من مبارك شخشيخت السياسة ولعبنا بيها، ولما زهقنا، سيبناها في الشارع بدون توعية.
"الشعب المصرى اشترى حريته ونسى الكتالوج .... فـــ عمال يلعب فى كل الزراير" كأن عَمر حمزاوي انجج دراع حازم صلاح ابواسماعيل، والبرادعي إدى رنة للاخوان واخدوا 6 ابريل ونزلوا ضرب في السفير !! صحيح مش هم دول مصر، بس اللاعبين السياسيين في مصر عارفين كويس هم بيعملوا إيه... والتخبط السياسي الموجود ديه معركة التصفية مش أكتر، الشعب اللي بيستغل حريته ده هم النشطاء السياسيين... الفاعلين في الاحزاب والجاماعات... اكيد مش هم الاولتراس مثلا... واكيد الغلطة مش في الحرية "الزيادة" ده لو كان فيه حاجة اسمها حرية زيادة اصلا، لازم نفرق بين حرية التعبير والتسيب الأمني... لو كنت من اصحبنا الفككة كنت قلت اكيد التسيب ده كان الغرض منه... والله اعلم جايز الفكاكة ده فيها شيء من الصحة، بس مفيش دليل !!

"لقد خسر التيار الليبرالى والعلمانى اخر كرت لهم مع الشعب المصرى نتيجة احداث امس و تجلت بقوة حكمة التيار الإسلامى فى قرار عدم المشاركة يوم 9/9" كأن برضه عَمر  حمزاوي شال مطوة قرن غزال في جيب بنطلونه اللي عليه صورة تامر، وركب ورا ابراهيم عيسى على المكنة الصيني بتاعته وهاتك يا ضرب في الأقسام.. والاخوان كانوا قاعدين في اخر الكادر بيقولوا تؤ تؤ تؤ !! التيار الاسلامي رفض المشاركة في التحرير، بقية التيارات دعت للمشاركة في التحرير، ومفيش أي نيلة حصلت في التحرير... لو كانت ديه غلطة حد، فهي غلطت الناس الفاهمة اللي سابت ناس تانية مش فاهمة تروح على السفارة والداخلية لوحدهم.

"قانون الطوارئ اتفعل يعني مش هتقدر تفتح بقك تاني... ابقى وريني إزاي هتعمل مظاهرات تاني يا حدق" يامي يامي يامي... تصدق خفت وركبي بتخبط على الجيران ؟ اصلا احنا كنا عايشين طول الفترة اللي فاتت ديه في دولة بدستور غير مفعل، دولة ماشية بمزاج عمو المشير... الناس كانت بتخش محكمات عسكرية كده بلطجة... يعني أنا عايز احبسك هحبسك الوقت اللي يعجبني وحتى مش هاعمل زي النظام القديم وأكلف نفسي وأألف سبب... أنا هدخلك كده !! الدولة كانت ماشية بلا قانون اصلا، هيعمل إيه الطواريء ده ؟ هيقبض على ال10000بتوع كل جمعة اللي في التحرير ؟ ولا هيخلي الاولتراس يبطلوا شتيمة ويغنوا أغنية بكار ؟ قانون الطواريء رجع عشان النجم بتاع المجلس مش عايز وجع دماغ على المحكمات العسكرية... فـقال احنا نلبسها في الداخلية أحسن وأهو كله بثوابه...

طول عمرنا بنقول اللي اتكسر يتصلح، ويوم الجمعة مكنش استثناء... اللي اتكسر هيتصلح باذن الله، لكن في جروح اعمق من جروح... واكبر جرح عمله يوم الجمعة مكنش قانون الطواريء ولا الجرحى من الشعب والداخلية ولا موقفنا الدبلوماسي اللي بقى أبيض من الصيني بعد غسيله... اكبر جرح كان ثقة الناس اللي في بيوتها في "الثوار" بتوع التحرير... الناس ديه كده كده مكنتش طايقانا... ويوم الجمعة اثبتلهم إن احساسهم كان في محله وأي حاجة هتتعمل فينا بعد كده احنا نستاهلها... الموضوع وصل لجمل من نوعية يضربوا الميدان كله بالنار ويقتلهم ويخلصوا !! ودول مش بس حزب الكنبة، ديه ناس كانت نزلت الثورة معانا وشاركتنا في حلمنا في يوم من الأيام... دلوقتي دارت علينا الايام واتشوهت صورتنا اللي معرفش يشوهها التدليس... اللي معرفش طلعت زكريا يعمله بالكنتاكي عملناه احنا بانقسامتنا وتسرعنا، وخلينا اللي كان في يوم من الايام متهم معانا انه اجندا، يتمنالنا الموت أو السكوت... يا ترى هل هنفوق لدورنا تجاه "البلطجية" و"العالم المتأجرة"، ولا هنفضل نشتم فيهم لحد مانروُح كلنا في الوبا ؟